TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: كافِحوا الفساد الأكبر قبلاً .. !

شناشيل: كافِحوا الفساد الأكبر قبلاً .. !

نشر في: 3 مارس, 2019: 12:00 ص

adnan.h@almadapaper.net

 عدنان حسين

بعد القرارالحكومي بفرض الحظر على مواقع الأفلام الإباحية في شبكة الإنترنت، نأمل من اليوم فصاعداً أن يأوي الفضلاء والدعوتيون والحكماء والمجلسيون والإخوان المسلمون والإفتائيون (جماعة دار الإفتاء المزعومة) وسواهم من جماعات الإسلام السياسي، الى مضاجعهم من دون أن تقضّها صور أن يكون أبناؤهم وبناتهم وسواهم يختلسون الفرص في الغرف المجاورة لمشاهدة هذه الأفلام التي بحجة حظر مواقعها، صوناً لمكارم الأخلاق ، عملوا على تشريع قانون مترامي الأطراف لتقييد حرية التعبير في العراق.
ومن اليوم فصاعداً نأمل أيضاً، بعدما حقّقوا مرادهم ومرامهم، أن يمنحوا بعض جهدهم الفكري والعضلي والسياسي لمكافحة الفساد الأكبر، الإداري والمالي، فالمفترض أن هذه مهمة هيّنة جداً بالنسبة لهم لأنهم جميعاً طرف في هذه القضية - المشكلة، ساهموا في ولادتها وفي تنشئتها وتسمينها الى درجة التغوّل عبر وزرائهم ووكلائهم ومدرائهم العامين وغيرهم من كبار مسؤولي الدولة الذين عيّنوهم في مناصبهم واتفقوا معهم على تشكيل وإدارة "اللجان الاقتصادية" المتخصصة بنهب المال العام وتكديس الثروات لصالح الأحزاب وزعاماتها على حساب أبناء وبنات الطائفة والقومية والوطن.
عملياً لن يحقّق قانون الحظر مبتغى الإسلام السياسي منه، فمهما طغت وزارة الاتصالات وتجبّرت وتنمّرت لن يكون في وسعها فرض الحظر التام والشامل على مواقع بث المواد الإباحية وغيرها، فالشباب خصوصاً، لديهم معرفة وقدرة على اختراق الحظر بوسائل وأساليب يتقنونها جيداً.
على الدوام لم تكن سياسات الحظر فعّالة. قبل عشرات السنوات كانت الأنظمة الشمولية تشوّش على البرامج الإذاعية والتلفزيونية "المعادية"، لكن دائما ظلّت هذه البرامج تصل الى شرائح واسعة من المقصودين بالحجب، وفي زمن البث الفضائي انهارت "أسوار برلين" كلها وصارت سياسات الحظر تكلّف الحكومات والشعوب أموالا طائلة من دون فائدة ، فضلاً عن الكُلف السياسية والاجتماعية لها.
الآن غدا العالم كله أصغر من قرية.. أصبح مجرد دربونة صغيرة، ولم يعد ثمة طائل من أي حظر. العراق لن يكون استثناءً. العراقيون يسافرون الى مختلف بلدان العالم بالملايين سنوياً، وبوسع أيّ منهم أن يحمل من واحد الى عشرة في الأقل من مخازن الذاكرة الإلكترونية التي يمكن للواحد من بعضها تحميل وخزن عشرات الأفلام والبرامج الجيدة أو السيئة. سيتعيّن على الحكومة لمكافحة هذا الأمر تعييين الآلاف من الأشخاص والمئات من نقاط التفتيش على الحدود! وهو ما لا يمكن تطبيقه، فيتحول القرار الحكومي بذلك الى مصدر تجارة مربحة للغاية يغري بها تفشي البطالة والفقر في البلاد (بسبب الفساد الأكبر الذي تديره أحزاب الإسلام السياسي)، على غرار تجارة المخدرات التي لا تعرف الحكومة الآن كيف تغلق مساربها المفتوحة على مدار الساعة بعدما فشلت كذلك في مكافحة تجارة الخمور، باسم "صون مكارم الأخلاق" أيضاً!
الإجراء الحكومي الجديد لن يُكتب له النجاح أبداً.. الذين يريدون مكافحة الرذيلة،عليهم أولاً وقف فساهم الأكبر الإداري والمالي، وتقديم القدوة الحسنة الى المجتمع... عليهم إصلاح نظام التربية والتعليم والخدمات الاجتماعية وترقية النظام الثقافي والمعرفي..
كلُّ ما عدا هذا باطل ومضيعة للوقت والمال. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

 علي حسين ما أن خرج الفريق عبد الوهاب الساعدي ليتحدث إلى احدى القنوات الفضائية ، حتى اطلق بعض " المحلللين " مدفعيته تجاه الرجل ، لصناعة صورة شيطانية له ، الأمر الذي دفع...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

مثلث المشرق: سوريا ومستقبل الأقليات بين لبنان والعراق

سعد سلوم على مدار عقود، انتقلنا من توصيف إلى آخر: من "البلقنة" في سياق الصراعات البلقانية، إلى "لبننة" العراق بعد التغيير السياسي في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين، وصولًا إلى الحديث اليوم عن "عرقنة"...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram