علي حسين
منذ أن بدأتُ بكتابة هذه الزاوية اليومية التي ستدخل عامها العاشر قريباً ، وأنا لديّ مشكلة أساسية مع ما يقوله العاملون في " مزاد " السياسة " ، وتراني أضحك كلما أسمع احدهم يذرف الدمع على حال العراقيين ، ويطلق الزفرات والآهات على أحوال البلاد والعباد ، والأموال التي سلبت في وضح النهار . .
بالامس خرج علينا السيد عزت الشابندر ليقول إن حزب الدعوة هو سبب المشكلة وانه لايريد أحداً أن يعارضه ، وأن كل ما يقوله حزب الدعوة في بياناته كذب ، ولا أريد أن أذكّر القارئ بما قاله عزت الشابندر قبل عام من هذا التاريخ حين خرج علينا حول كتلة المالكي التي هي فرع من حزب الدعوة ، ليخبرنا بأنها المنقذ الوحيد للعراق ، بشرط ان يوافق السيد نوري المالكي على العودة إلى قيادتنا !
ليست هذه المرة الأولى التي يحاول فيها عزت الشابندر أن يتلاعب بذاكرة المواطن العراقي ، فقد فعلها قبل سنوات حين مهد الطريق أمام إعفاء مشعان الجبوري من كل التهم التي وجهت ضده ومنها قضايا تتعلق بالمال العام واخرى تتعلق بما كان يقوله ويفعله على شاشة قناته " الزوراء " ، بعدها ذهب صوب محمد الدايني ، ليشغلنا بمعركة إطلاق سراحه .
حين يتقدم بلد مثل العراق سُلّم البلدان الأكثر فساداً ونهباً للمال العام، فإن الأمر يدخل أيضا في قائمة المؤامرات الإمبريالية ، والعداء للتجربة السياسية ، فلا مشكلة أن نفشل في إدارة مؤسسات الدولة ! وأين المشكلة حين يدير أمور العباد، أناس لم يدخلوا يوما مكتبة عامة، ولا يفرقوا بين كتاب الطبخ، وكتاب علي الوردي.. ولهذا لم أستغرب عندما قرر عزت الشابندر أن ينتقل من صراعه مع حزب الدعوة ، الى معركة كسر العظم مع ماركس ، فهو يقول لمقدم برنامج بين زمنين الزميل حامد السيد ، لماذا نحظر حزب البعث ولا نحظر الحزب الشيوعي ، فالاول أفكاره جميلة وراقية ووطنية ، والثاني ويقصد الشيوعي يمشي وراء ماركس الذي أفكاره كلها ظلامية وسوداوية وكفر وإلحاد ومادية وحتمية تاريخية !
لا أريد أن أدخل في جدل مع الفيلسوف عزت ، حول موضوعات تخصص بها المفكرون من أمثاله، ولا أملك دليلا دامغا على أن الشابندر ربما كان "ينكّت"، لكن أعرف أن طريقة حديثة توحي بأن الرجل لا يؤمن بكل كلمة يقولها على الفضائيات وتلك هي المصيبة التي تحاصرنا ، فقد اكتشفنا أن الذين يقودون البلد هم مجموعة من اللاعبين على الحبال تنتابهم حالة من الانتهازية كلما لوّح لهم بالورق الإمبريالي " الاخضر طبعاً .