اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > باليت المدى: قرية المسامير

باليت المدى: قرية المسامير

نشر في: 9 مارس, 2019: 12:00 ص

 ستار كاووش

إمتدت جولتي هذا الصباح الى أبعد من المسافة المعتادة، حتى وصلتُ أطراف المدينة، فَسِرْتُ بمحاذاة الحدائق التي بدأت تزهر وتغمرها الأعشاب الطرية التي تُلـَوِّحُ بلونها الأخضر الناعم، لأكمل طريقي بمحاذاة حقول إنعكس فوق هاماتها ضوء الشمس الخافت، وفجأة إنبثقت من بين الأشجار بوابة حمراء كبيرة إصطف بجانبها مكان لتوقف الدراجات الهوائية وإرتفعت فوقها يافطة خضراء كبيرة كتب عليها (قرية المسامير) إنتابني فضول كبير حول ما يعنيه هذا الأسم وإقتربت أكثر، فبانت تفاصيل المكان أكثر. نظرت من خلال أضلاع البوابة المتباعدة، ثم إستأذنت بالدخول والتجول في المكان. وهنا تعرفت على قرية المسامير، وهي ورشة واسعة جداً تشبه مجمعاً أو قرية صغيرة محاطة بسياج يشبه أسيجة المزارع الكبيرة. وقد أصابني العجب وأنا أرى كل شيء بداخل هذه القرية مكون من الخشب والمسامير. وإزدادت دهشتي حين عرفت إن هذا المكان الفريد مصنوع للأطفال الذي يودون ممارسة هواياتهم ونشاطهم في أوقات الفراغ. قادني الفضول أكثر، فتطلعتُ الى التفاصيل والزوايا وسير العمل. وهنا عرفت الإجابة حول أسئلة كثيرة تتعلق بتطوير مهارات الأطفال، وكيف نمضي بمواهبهم وطاقاتهم بإتجاهات مناسبة، كيف يستثمرون وقتهم الفائض بأشياء نافعة تطور لياقتهم وعقلياتهم في إيجاد الحلول في التعامل مع المواد؟ الأسئلة تتحرك في رأسي، والأجوبة والحلول تتقافز أمامي في هذه (القرية) التي تمنح الأطفال الكثير من الوسائل والوسائط، وتهيء لهم الآفاق التي يستثمرون فيها طاقاتهم ويوجهونها للقيام بأشياء مفيدة.
تفتح هذه القرية أبوابها ستة أيام في الأسبوع، من الصباح الى المساء لتستقبل الصبيان والبنات حسب الوقت الفائض لديهم خارج أوقات المدرسة، وهناك مشرفون يوجهون الأطفال ويوفرون لهم كل ما هم بحاجته. ولكي يتعلم الصغار الحفاظ على أدوات العمل، فعليهم دفع يورو واحد كتأمين لكل منشار أو مطرقة وغيرها، ويعاد لهم المبلغ عند نهاية العمل، بعد تسليم هذه الأدوات. وكل الأخشاب المتوفرة هنا تقريباً هي من الباليتات أو ألواح الخشب التي توضع تحت البضائع عادة، وحين يتم الإستغناء عنها في المخازن الكبيرة ترسل الى قرية المسامير أو كما يسميها بعض الأطفال (حديقة المغامرات). وهنا يسمح بالدخول والعمل فقط للأطفال بعمر 4 الى 12سنة وبالامكان أن يصحبهم أحد الوالدين للإطمئنان على سير العمل وربما لإبداء بعض النصائح. وبالنسبة لهؤلاء الأطفال ليس هناك أجمل وأكثر متعة من هذه المغامرة التي تمنحهم الثقة بالنفس وتفرغ طاقاتهم بشكل إيجابي، والأهم من ذلك هو تعلمهم معنى المشاركة والعمل الجماعي وكيفية تكوين الصداقات أثناء الحياة العملية.
ثلاثون سنة مضت على تأسيس هذا المكان الذي يمتد على مساحة سبعة آلاف مربع، ويتوفر فيه كل وسائل الراحة واللعب أيضاً، حيث فُرشت بعض المساحات بالرمال وانتصبت وسطها الأراجيح والألعاب وبعض العربات الصغيرة وحبال لتسلق بعض الحواجز الواطئة لمن يود التوقف بعض الوقت عن العمل. كذلك هناك بعض الخيم الكبيرة التي عُدَّت لتناول الطعام.
كل مجموعة منشغلة ببنائها وكل طفل له مهمة للقيام بشيء، وكل البيوت تشبه في تكويناتها الى حد بعيد رسوم الأطفال! فهنا بيت يُذَكِّرُ بأجواء هاري بوتر، وهناك كوخ يعيد للأذهان البيوت الصغيرة المتآكلة وسط الغابات، وهناك بناء صغير بدا غير متوازناً وعلى المجموعة إيجاد وسيلة للحيلولة دون سقوطه، أكواخ تشبة لوحات واقعية وأخرى كأنها لوحات تجريدية لا تميز فيها الأبواب من النوافذ، والهدف في النهاية هو المتعة، كما فعلت كارولين الصغيرة التي انتهت من بيتها غريب الأطوار، والذي وضعت له سلماً أكثر غرابة. ولم تكتفِ بكتابة إسمها على الواجهة، بل أعطت للبيت رقماً (ربما هو رقم بيتهم الحقيقي).
وبينما انهمك الجميع بترتيب (صروحهم الصغيرة)، بدأت بعض قطرات المطر بالتساقط، عندها توقف الجميع عن العمل، وتوجهوا نحو خيمة المطعم. وهناك أيضاً وجدوا بإنتظارهم مجموعة من الألعاب، حيث أنغمس الأطفال بتناول الحلوى واللعب، بينما إنشغل الآباء والأمهات في أحاديثهم وهم يحتسون القهوة ويراقبون المطر الذي أخذ يغسل البيوت الصغيرة خارج الخيمة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram