TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: إنهم يكرهون بغداد

العمود الثامن: إنهم يكرهون بغداد

نشر في: 10 مارس, 2019: 12:00 ص

 علي حسين

قال المهندس المعماري موفق الطائي إن بغداد جنة ، وقبل أن نفرح ونصفق للوصف ، يخبرنا أنها جنة مع وقف التنفيذ ، لو كنت مثل المهندس الطائي عرفت بغداد طفلا وشابا ، عرفت حدائقها الصغيرة ، والبيوت الهادئة ، وتنعمت بمشهد شارع الرشيد في الستينيات ، ومررت من أمام مقهى البرازيلية ،أو وقفت تتفرج على ما يعرضه حسو إخوان ، لو كنت مثله تعتبر أن بغداد أجمل مدن الارض ، كيف تقرأ كتابه الذي أراده أن يكون صرخة عالية بوجه الخراب الذي يعم " أم العراق " كما وصفها محمد القبانجي .
استفزني كتاب المعماري الطائي ، خصوصاً أن الرجل يتحدث بالوثائق عن المشاريع التي قدمتها خيرة العقول العراقية لتطوير بغداد ، لكنها حوصرت بعقوق سياسييها الذين يكرهون بغداد! .
منذ أن عاد موفق الطائي الى بغداد عام 1947 من زمالة دراسية في بريطانيا ، قرر أن يفعل شيئاً عظيماً لـ بغداد، رافعا شعار فلندعها تزدهر ، كان موفق الطائي وفياً لأساتذته الكبار محمد مكية ورفعت الجادرجي ومعهم الجيل العملاق قحطان المدفعي وإحسان شيرزاد ، ومعاذ الآلوسي وإحسان فتحي ومحب الدين الطائي ونوري محمد رضا وهشام المدفعي ، ونزار علي جودة وقحطان عوني وسعيد علي مظلوم ، وعبد الله احسان كامل ، ومعهم العشرات يملؤون بغداد ومدن العراق، بحضورهم وصخبهم، لم يبق اسم "لامع" إلاّ وأراد أن يضمّ إلى سيرته، منجزاً يقدمه الى بغداد. ، في كتابه يوجه موفق الطائي نداءً صادقاً " حافظوا على بغداد " حيث يطلب منا لاننسى وصية معلمه محمد مكية التي كتبها قبل وفاته بأيام "استمعوا الى بغداد .. أصغوا الى صوتها كثيرا.. ستكتشفونه في حركة الشجر والنخيل.. في دفق ماء النهر.. في الضحكات الصافية.. تأملوا لونها.. تجدونه في الطابوق.. في الخشب.. في زرقة الماء.. في سمرة الأهل".
اليوم ونحن نقرأ صرخة موفق الطائي في كتابه " بغداد جنة مع وقف التنفيذ" ننظر الى بغداد وهي تنزلق، نحو عصور الظلام والعتمة!، المسؤول فيها لا يسمع سوى صوته .
ذات يوم كانت بغداد منارة، تتلاقى فيها الحضارات وتتنافس عليها الأحلام والآمال.. ذلك عصر كان منظروه يريدون لبغداد أن تكون مدينة متعايشة، متسامحة، والأهم مدينة بعبق وألوان لوحات فائق حسن وعطا صبري وفرج عبو، مدينة بألوان من قوس قزح، وعمارة مكية والجادرجي ومظلوم والمدفعي ولم يكن يدور بخلد هؤلاء أن تتحول المدينة الى خرائب ، يريد القائمون عليها أن يجعلوا منها داراً للآخرة بعد أن كانت حاضرة للدنيا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

البرلمان يتوعد بـ10 استجوابات: ستمضي دون عراقيل

انتحاريون على أبواب حلب.. ماذا يجري في سوريا؟

الدفاع التركية تقتل 13 "عمالياً" شمالي العراق

مجلس ديالى يفجر مفاجأة: ثلاثة اضعاف سرقة القرن بالمحافظة "لم يُعلن عنه"

الشرطة العراقي يغادر إلى الدوحة لملاقاة بيرسبوليس الإيراني في دوري أبطال آسيا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram