رعد العراقي
منذ أن تولى الدكتور أحمد رياض مسؤولية قيادة وزارة الشباب والرياضة وهو يحاول أن يجد المقياس المناسب لترقيع الشق العميق لثوب الرياضة الذي بدأ يتوسع مع كثرة سكاكين العناد والخلافات وتطلّعات البعض في التمسّك بمناصب الريادة حتى وصل الأمر الى غياب مبدأ الاتفاق بالرأي بين كل الأطراف في حل أي مسألة مهما كانت بسيطة ومعها تلاشت حدود الأعراف الوظيفية وبروتوكولات التصرّف والتعامل على وفق سياق الهرم القيادي.
زيارة الوزير (الاستثنائية) لمقر اللجنة الأولمبية العراقية وإن كانت تعد خطوة أكثر من إيجابية وهي الأولى لوزير منذ سنوات طويلة تأتي أيضاً بعد فترة عصيبة سبقت انتخابات المكتب التنفيذي الذي أثار لغطاً واسعاً وتشكيكاً بنزاهة وقانونية العملية الانتخابية إلا أنها كشفت وجهاً آخر لعمق المعضلة وحقيقة الكيفية التي تدار بها شؤون اللجنة الأولمبية.
الدكتور أحمد رياض استُقبل وَودِّعَ من قبل يوسف خوشابا مدير العلاقات العامة في اللجنة الأولمبية بينما غاب ذكر رعد حمودي ونائبيه وجميع أعضاء المكتب التنفيذي دون التطرّق لأسباب عدم تواجدهم واقتصار الزيارة على اللقاء ببعض الموظفين ولا نعلم إن كانت المؤسسة المسؤولة عن إدارة الرياضة العراقية تدار من خارج أسوار مقر اللجنة وبنظام القيادة عن بعد أو أن الغياب الجماعي كان مقصوداً وخاصة أن هناك معلومات تشير الى أن حمودي كان في بغداد وليس خارج البلد في وقت الزيارة!
هجرة جميع أعضاء المكتب التنفيذي لمكاتبهم لم يكن يشكّل مفاجأة إذ سبق ان تردّدت أقاويل عبر وسائل الإعلام تشير الى أن أغلب الاعضاء في حالة سفر وتنقل دائم بينما البعض مشغول في مسؤولياته الأخرى في الاتحادات وإن تردّدهم الى مقر اللجنة لا يتجاوز أن يكون محطة استراحة من تعب السفر!
لا أعرف كيف عادت الى ذهني صور من رفعوا أصواتهم بوجه اتحاد كرة القدم في زمن حسين سعيد عندما كان يدار من عمّان بشكل علني وطالبوا بعودته الى بغداد وممارسة نشاطه من داخل البلد بينما تغض الابصار عما يجري الان في اللجنة الأولمبية برغم أن الحالتين تحملان ذات التشابه والتطابق وإن كان بأسلوب مختلف.
كيف نريد للرياضة العراقية أن تنهض من واقعها المرير في وقت كنا ننتظر أن يتجه من تسابق على خطف المناصب الى تكثيف لقاءاتهم ومناقشاتهم والتواجد بالقرب من مكاتبهم وتنظيم أعمالهم واحترام أوقات الدوام الرسمي وتمديد ساعات العمل بدلاً من إهدار الوقت وإيكال مهامهم الى من هم أدنى مسؤولية وهي عملية تحمِل انطباعاً بوجود فوضى في مفاصل القيادة والتحكّم لمنظومة العمل الإداري التي من أحد مبادئها هو احتكام الجميع للتعليمات والضوابط الخاصة بمنح الاجازات وأذونات السفر مع ضمان تحقيق توازن في عدد القيادات التي يجب أن تكون متواجدة في أي مؤسسة واتباع نظام البدلاء للمحافظة على سير العمل دون تلكؤ.
نحن بحاجة الى الخروج من دوّامة المجاملة ودبلوماسية الأحاديث والذهاب نحو تثبيت ركائز العمل الصحيح عبر حلول منطقية وعملية لإنهاء كل الأزمات بدءاً من العلاقة بين وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية التي لابد أن تستند الى مواقف حازمة تحافظ بها على قواعد وأصول التعامل الوظيفي وتحترم السياقات وتلزم المكلف بخدمة عامة على تحقيق الإنتاجية في الأداء والعطاء وأن لا تكون اللجنة بعيدة عن عين المحاسبة طالما إنها تديم استمرارها ككيان من أموال الخزينة العامة للدولة في وقت يعجز رئيسها واعضاء مكتبه التنفيذي من الجلوس في مكاتبهم أو حتى تواجد أحدهم لاستقبال الضيوف خاصة اذا كان بمستوى المسؤول الأول عن الرياضة!