ترجمة /المدى
يبدو ، مازن ، وكأنه يريد أن ينزوي بجسده الضئيل الأسمر وهو يجلس في الزاوية داخل خيمة في معسكر للنازحين الآيزيديين في العراق . عين الغلام البالغ من العمر 13 عاماً تبدو غائرة وكبيرة في وجه ما يزال شاحباً بسبب قلة ما كان يحصل عليه من طعام.
بعد خمس سنوات تقريباً من الأسر لدى داعش يقول ، مازن ، بأنه يريد أن يتحدث بما حصل له ولكن ليس لديه الكلمات التي تعبر عن ذلك.
يقول ، مازن ، إنه بعد سحبه من أمّه وهو في الثامنة من عمره عند أسرهم من قبل داعش عام 2014 ، قام المسلحون بتدريبه هو مع أولاد آخرين على الرمي باستخدام بنادق الكلاشنكوف الهجومية . لقد تم تدريبه على قتل ناس ضمن معسكرات تجنيد الأطفال.
كان مازن من بين الذين نجوا من حملة الإبادة الجماعية التي شنها تنظيم داعش ضد أبناء الاقلية العرقية الايزيدية حيث قتل وأسر الآلاف منهم وتم استعباد نسائهم وفتياتهم كرقيق وزج أولادهم الاطفال في معسكرات التدريب العسكري . الآن وبعد أن خسر التنظيم آخر معاقله في سوريا تم تحرير عدد من الآيزيديين حيث رجعوا الى عوائلهم التي تعاني أصلاً من ضنك العيش وفقدان أفرادها.
دائماً ما كان مازن يعاني من الجوع . الغذاء الوحيد الذي كانوا يحصلون عليه اثناء أيام داعش الأخيرة في قرية باغوز السورية هو مجرد حساء عدس خفيف ورغيف جاف قاسي.
خلال شريط فيديو بثه منقذيه من المقاتلين الكرد السوريين قبل أيام قليلة من عودته الى العراق أوائل شهر آذار الحالي ، تساءل مازن فيما إذا حدث شيء لمنطقة سكناه سنجار شمالي العراق. لم يكن مازن يعرف إن آلافاً من الايزيديين قد تم قتلهم او اختطافهم وان قرى بأكملها قد دمرت عندما غزى تنظيم داعش في عام 2014 منطقة سنجار التي يقطنها الآيزيديون شمالي العراق . أو أن والده وابن عم له كان بمثابة أخ له ما يزالان مفقودان . أو انه لم يعد لهم بيت يرجعون إليه في سنجار. عندما وصل لمجمع مخيمات النازحين قرب دهوك في اقليم كردستان حيث يعيش آلاف النازحين الايزيديين في خيم ، مجموعة من الناس نادوا عليه باسمه . مع عودة كل طفل الى أهله بدأت عوائل مكسورة يحدوها الأمل باحتمالية عودة احبائها المفقودين.
بعد مرور خمسة أعوام كان أغلب كلام مازن باللغة العربية ، اللغة التي كان يتحدث بها مختطفيه . لقد نسى لغته الآيزيدية المحلية المعروفة بلهجة الكورمانجي ، وهي لكنة اللغة الكردية الخاصة التي تميز المتحدثين بها من أبناء الطائفة الايزيدية.
وينطق مازن ببعض كلمات انكليزية بسيطة يقول إنه تعلمها من مسلحين أجانب ضمن صفوف داعش.
كانت آخر مرحلة دراسية لمازن قبل أسره من قبل داعش عام 2014 هو الصف الثاني ابتدائي . لم يعد لمازن خطط للتفكير بالمستقبل . والدته وأخيه الأصغر ، مزبان ، كان قد اطلق سراحهما قبل سنتين ونصف ، يقول إنه يتمنى أن تكون له سيارة ويأخذ والدته وأخيه في نزهة ، لقد تعلم السياقة أثناء أسره من قبل داعش .
كما هو الحال مع أغلب الايزيديين ، فأن العائلة فقيرة جدا ، ولكن عمه حسين يقول إنه سيحاول أن يجعل مازن يعيش حياة طبيعية أكثر.
يقول حسين " من غير الممكن تغيير طباع طفل كان أسير لمدة طويلة في غضون ثلاثة أيام . هدفنا هو إننا سنأخذه في رحلات تنزه ، ونأخذه لحضور حفلات زواج . سنجعله ينسى اللغة العربية ويعود للغته الأم."
جاء رجل آيزيدي الى خيمة مازن ليريه مجموعة صور لأطفال وشباب مفقودين فيما اذا كان قد رآهم أثناء الأسر . مرر مازن أصبعه فوق الصور واحدة تلو الأخرى ثم قال وهو واثق من نفسه " لم أراهم ." وكان مازن قد سبق وأخبر أقارب له بان ولدين آخرين كانا أسرى معه قد لقيا حتفهما بغارة جوية للتحالف قبل شهرين في قرية باغوز . وطفل أخر عمره 10 سنوات سقط في النهر وغرق بينما كان يغسل ملابس.
خلال الأسبوعين الماضيين وبينما تقرب زحف القوات الكردية السورية المدعومة من الولايات المتحدة نحو قرية باغوز عثر على ما يقارب من 40 أمرأه وطفل ايزيدي موجودين في المعسكرات مع عوائل تم إجلائهم من مسلحي داعش ، وتم ارسالهم عائدين للعراق. ويقول شخص ايزيدي يدعى ، حسين ، إنه بحكم كونه اسير سابق لدى داعش وقيامه ببعض مفاوضات مع مسلحين لاطلاق سراح قسم من الأسرى مقابل مبالغ ، فانه ما يزال هناك في سوريا ما يقارب من 300 امرأة ايزيدية وطفل ، مشيراً الى أن قسماً منهم قتل في غارات جوية للتحالف أو إرسلوا الى تركيا بواسطة عوائل داعش.
عند احدى معابد جبل سنجار حيث هرب اليه الايزيديون قبل خمس سنوات جاءت ، بيرفي خلف ، 26عاماً مع طفليها الصغيرين بعد وصولهم الى منطقتهم قادمين من سوريا قبل يومين . كان داعش قد قتل زوجها وتم بيعها خمسة مرات ثم اجبرت على الزواج من الذي يحتجزها . ومن عشيرتها المؤلفة من 33 شخصاً ثلاثة فقط بقوا أحياء.
تقول ، خلف ، إنها تشعر وكأنها ولدت من جديد كطفل كونها تعيش حرة الآن . تأمل بان يتم إنزال عقاب قاسٍ جداً بزوجات مسلحي داعش اللائي ساندوا المسلحين في سعيهم لتأسيس دولة خلافة مزعومة وإن كثيراً منهن هم من بلدان يرفضون إرجاعهم حتى الأطفال.
وتقول انه عليهن أن يواجهن العذاب كما واجهناه نحن الآيزيديات ، كن يقلن بان الايزيديات لايستحقن الرحمة لأنهن كافرات حسب قولهن.
عن موقع NPR الاخباري