إياد الصالحي
هبّت البصرة بسواعد أبنائها من جديد معلنة استعدادها التام لاحتضان بطولة الصداقة الثانية لكرة القدم بمشاركة منتخبي سوريا والأردن في أجواء كروية يتوق الجمهور العربي لمتابعة منافساتها لما بلغته اللعبة في بلديّ ضيفينا من تطوّر لافت في السنين الأخيرة، فضلاً عن رغبة أسود الرافدين في توضيح الصورة الضبابية التي وثقتها كأس آسيا17، ويفلحوا بإحراز لقب الصداقة الذي ذهب في النسخة الأولى 2018 لمصلحة المنتخب القطري.
ومع أن تسويق البطولة المصغّرة بالمنتخبات الثلاثة والكبيرة بقيمتهم الفنية، لم يكن بالشكل المثالي مثلما تقتضي الضرورة في مثل هكذا بطولات عربية بطموح الانتشار ضمن محيطها الإقليمي، إلا أن جهود اللجنة المحلية في محافظة البصرة كانت بمستوى المسؤولية الوطنية وحققت نجاحاً لافتاً في البطولة الأولى ومن المؤمّل أن تضيفَ نجاحاً آخر بعدما جهّزتْ المدينة الرياضية والفندق وبقية المرافق اللازمة لخدمة الضيوف بإجراءات استباقية تبيّض الوجوه.
وبقدر ما تمثله تلك التحضيرات البصراوية الكريمة من واجبات إدارية على القطاعات المعنية بالخدمات الرياضية والمجتمعية تتقدمها المساندة الكبيرة من مجلس محافظة البصرة ثم الدعم الجماهيري بوعيهم وحرصهم على بروز السلوك الحضاري في التشجيع النظيف للضيوف قبل المنتخب تقديراً لمساهمتهم القديرة في تأكيد حق العراق برفع الحظر الدولي عن جميع ملاعبه، بقدر ما تعزّزه تلك الصورة في أذهان المراقبين، فإن الخبرة المضافة من تنظيم البطولتين ستؤمّن لنا كوادر رصينة مستقبلاً عندما تناط بالعراق إقامة بطولة أو دورة رسمية كبيرة من الاتحاد الخليجي أو الآسيوي أو الدولي للعبة ونخرج بحصيلة من نقاط التميّز في الجهد التنظيمي والفني والهندسي والإعلامي واللوجستي المتمثّل بثقل الدولة في دعم البطولات مادياً ولوجستياً.
ولم يكن تفاؤلنا الفني أقل نسبة من التحضير الإداري في الشقَّ التنظيمي من البطولة، فقد علمنا من مصادر مقرّبة من اتحاد الكرة أن المدير الفني السلوفيني ستريشكو كاتانيتش أعرب عن ثقته بأسود الرافدين ممن اعتمد أغلبهم في بطولة كأس آسيا الأخيرة، وأنه اضطر لدعوة عدد من اللاعبين المغمورين في الأندية ممن لم يسبق لهم تمثيل المنتخب الوطني في ضوء نشاطهم اللافت بمنافسات دوري الكرة الممتاز والملاحظات التي أشّرها عليهم إيجابياً ومهّدتْ بارتدائهم فانيلة الوطن، هذه المساحة التفاؤلية مهمة جداً في روحية المدرب ليلعب تكتيكياً بما يراه صائباً لمصلحة الأسود وتمكّنه من كسب تعاطف آلاف المشجعين أثناء البطولة بعدما قلّلتْ مباريات آسيا الأربع أمام فيتنام واليمن وإيران وقطر شيئاً من الثقة بقدراته في تأهيل كرتنا لاحقاً الى مونديال 2022 الهدف الأسمى من كل الاختبارات التي يخوضها كاتانيتش منذ الخامس من أيلول 2018 حتى بلوغنا اليوم التاريخي الثاني بعد يوم المكسيك 29 تشرين الثاني 1985الذي طاف بعلم العراق في مضمار ملعب الطائف السعودي.
ستتجه الانظار اليوم الى مدرجات ملعب جذع النخلة وهو يحتضن أكثر من 40 الف مشجعاً قدِموا من كل مدن العراق للتعبير عن حرصهم الكبير في التفاعل مع توجيهات رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو التي تشير الى أن التشجيع المثالي يمثل نصف نجاح المباراة والنصف الثاني من مسؤولية الحكم واللاعبين، ما يعني أن ما حصل في ملعب الشعب الدولي يوم 15 آذار الحالي لا يمت بصلة الى الجمهور العراقي العريق بتاريخه وأخلاقه وإلتزامه بين جماهير المنطقة التي تشاطره السمات ذاتها.
وكي لا ننسى أن التصنيف الدولي يلعب دوراً مهماً في قرعة تصفيات الدور الثاني المشتركة المؤهلة الى مونديال 2022 وبطولة كأس آسيا 2023، وبما أن العراق جاء في المركز 80 وسوريا 83 والأردن 97 في لائحة شباط، وستكون هناك مباراتين مع تونس وليبيا يومي 7 و10 حزيران المقبل، لذا يتوجب التحوّط من أي خسارة أو تعادل ربما يؤثران لاحقاً على تصنيفنا القاري ويُحرَج الأسود في القرعة المرتقبة يوم 17 تموز في العاصمة القطرية الدوحة، مع أن أملنا كبير إنهم بمستوى التحدّي لكسب البطولة والمضي بحملة التأهل للمونديال بخطوات واثقة.