TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناديل: فوكوياما : أية نهاية للتاريخ ؟..

قناديل: فوكوياما : أية نهاية للتاريخ ؟..

نشر في: 23 مارس, 2019: 12:00 ص

 لطفية الدليمي

لايتوقف المفكرون لدى أطروحة أقاموا عليها مجدهم، بل إنهم غالباً ما يتفحصون أطروحاتهم ويخضعونها للنقد بناءً على التحولات الحاصلة حولهم ووفقاً لتغيُر رؤيتهم للعالم وحراكه المستمر، وتتبدل مواقف بعض هؤلاء المفكرين تبعاً لمؤثرات كثيرة تركت مفاعيلها في رؤيتهم المستجدة، ولايُسمى هذا التحول تراجعاً أو تلوناً كما يحصل لدينا، لسبب بسيط هو أن أمثال هؤلاء المفكرين لايؤمنون بالمطلق والنهائي ولايقدسون الفكرة الثابتة بل يشبعونها تقليباً وتفحصاً لغاية تصحيحها أو تجاوزها.
يجري التصحيح عادة عند متابعة التطبيقات المختلفة للنظريات والأفكار وقياس نتائجها واختبارها مثل النظرية الاشتراكية والنظرية الرأسمالية ، فتطبيقات الرأسمالية ليست متماثلة وهناك صيغ متعددة لها في بلدان مختلفة، والصين على سبيل المثال زاوجت بين تجارة السوق والاشتراكية على الطراز الصيني، بمعنى أن بوسع النمط الاقتصادي الإشتراكي الحيلولة دون التغول الرأسمالي البشع، فقد كشف التطبيق النيوليبرالي الراهن عن خلل كبير في التطبيق وأفضى الى تغيير القناعات إزاء المواقف الاقتصادية والإنسانية عموما.
أقرّ أحد أكبر منظري الليبرالية بضرورة اكتشاف أفق اشتراكي جديد مختلف عن التطبيقات السابقة ويبدو أنه العلاج الأفضل لمرض كوكبنا المميت في المرحلة الراهنةعلى أقل تقدير، فقد صرح ( فوكوياما ) في تسجيل صوتي له على موقع تابع لجامعة ستانفورد يديره شخصيا بما يلي : " لم يستوعب البعض المفهوم الأصلي لـما عنيته بـ "نهاية التاريخ "، ولم يقرؤوا كتابي "نهاية التاريخ والإنسان الأخير" المنشور عام 1992 جيدا ؛لذا فإن هدفي هنا تفسير هذه النظرية وشرح ما كنت أقصده والتغير الذي طال تفكيري منذ ذلك الحين.من الغريب أن مسار التاريخ خلال 30 عامًا تقريبًا لم يؤدِّ للتطور الذي كنت أظن أنه سيحدث وقتها "
يراجع فوكوياما بنظرة جديدة عنوان مقاله الأصلي ليبرهن لقرائه أنه أراد أمراً مختلفاً من عبارة " نهاية التاريخ " ويقول : عنوان مقالي الأصلي "نهاية التاريخ "الذي نشر في صيف عام 1989. كلمة التاريخ التي وردت في عنوان كتابي كنت أقصد بها ما قد يسمِّيه الناس اليوم التطور أوالحداثة. وعبارة " نهاية التاريخ "عنيت بها: الغاية من التاريخ - لا نهايته؛ وما هي غاية عملية التقدم أو الحداثة ، لقد فُهِمَت أطروحتي خطأ "
صحيفة النيوستيتسمان البريطانية نشرت حوارا مع فوكوياما وعنونت الحوار " يجب أن تعود الاشتراكية " ، ويبدو أن صاحب أطروحة " نهاية التاريخ " قد أعاد قراءة ما خلُص إليه (ماركس ) من تحليله للأزمة الرأسمالية وخرج برؤية مختلفة تماما حول فهمه المغاير للإشتراكية المنافسة اللدود للديموقراطية الليبرالية على أساس نظرته الجديدة وتفسيره الراهن لمفهوم التاريخ، ويخشى فوكوياما في حواره من اندلاع (حرب أمريكية صينية )، وها نحن نرى اليوم الصراع الاقتصادي والثقافي بين القوتين الذي قد يتحول إلى حرب حقيقية نتيجة الزحف الصيني الاقتصادي والثقافي الجائح بعد تحقق مشروع ( الحزام والطريق) وتوغل الصين في الاقتصاد الآسيوي والأفريقي وصولا إلى معاقل القارة الاوروبية.
من المدهش أن يعترف فوكوياما المنظّر البارز للرأسمالية والمنتقد الشرس للإشتراكية بأن التحليل الماركسي للأزمة الرأسمالية كان صحيحا بشكل أساسي، و" أن السعي الجامح لاقتصاديات السوق الحرة نحو الربح أدى إلى إفقار جماعي وإلى الهيمنة الكاملة على العالم من قبل الأوليغارشية الرأسمالية المتوحشة فاحشة الثراء. وعلينا تدارك الامر والا سيدفع الجميع الثمن"
ليت جميع المنظرين يعترفون بما يكتنف نظرياتهم من سوء فهمٍ ويغيرون طروحاتهم كما فعل فوكوياما أخيراً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram