ترجمة حامد أحمد
متحف البصرة المقام على أحد قصور رئيس النظام السابق المطل على بحيرة والذي بني عام 1990، يعتبر الآن ثاني أكبر متحف في العراق بعد بناية المتحف الوطني في بغداد ، حيث افتتح متحف البصرة ابوابه للزائرين هذا الاسبوع في خطوة أخرى نحو استعادة إرث البلد الحضاري الذي تضرر عبر سلسلة حروب على مدى أربعة عقود مضت.
أغلق متحف البصرة منذ العام 1991 مع أحداث حرب الخليج الاولى ، والان وبمساعدة من المتحف البريطاني ومنظمات أخرى رجعت آلاف القطع الاثرية التي يعود تاريخها الى ما يقارب 6 آلاف عام قبل الميلاد لتعرض من جديد في متحف محافظة العراق الجنوبية ، وكان للراحلة الاثارية العراقية ، لمياء الكيلاني ، دور حيوي في المساعدة على انجاز هذا المشروع.
مجموعة القطع الاثرية المعروضة في المتحف تغطي ثلاث حقب تاريخية من حضارة وادي الرافدين وهي الحقبة السومرية والبابلية والآشورية.
قحطان العبيد ، مدير هيئة الآثار والتراث في البصرة ، قال أثناء مراسيم الافتتاح " لدى المتحف اكثر من 2000 ألفي قطعة جلبت من غرف المخازن الواسعة في المتحف الوطني في بغداد وهي تُعرض الآن للزوار ، مع 100 قطعة أخرى كانت مسروقة وعثر عليها خارج البلد."
واضاف العبيد قائلاً " استغرقت عمليات الاعداد لافتتاح المتحف بشكل كامل عشر سنوات ، وكان افتتاح اول قاعة عرض فيه عام 2016 ."
وزارة الثقافة العراقية تخطط أيضاً لإضافة مكتبة تعنى بكتب الآثار وقاعة مؤتمرات وورشة لمتحف البصرة وكذلك افتتاح أربعة متاحف أخرى في المحافظة.
وكيل وزير الثقافة ، قيس حسين ، قال لموقع ذي ناشنال الإخباري " الوزارة ستدعم المتحف كونه يمثل تراث وتاريخ البصرة السياحي."
منذ الغزو الاميركي للعراق قبل 16 عاماً في العام 2003 تعرضت كنوز آثار العراق للنهب أو التخريب ، وإضافة الى هذا الدمار جاء تنظيم داعش الارهابي ليسرق ويخرب العديد من مواقع ومتاحف العراق الأثرية وذلك بعد سيطرته على مناطق واسعة من شمالي وغربي العراق عام 2014 . رغم كل جهود إعادة القطع المسروقة ماتزال هناك آلاف القطع المفقودة من الآثار البابلية والآشورية والسومرية والإسلامية أيضاً
وقال العبيد " قسم من القطع الأثرية سُرقت من قبل عصابات وتمّ تهريبها خارج البلاد . و لسنا متأكدين فيما إذا تم تنفيذ هذه الافعال الاجرامية من قبل عناصر داعش أو من قبل مهربين يقومون ببيع هذه الكنوز في السوق السوداء."
جهود العراق لاسترجاع كنوزه الأثرية جوبهت بدعم حكومات ومنظمات خارجية . تقول الولايات المتحدة إنها تمكنت من استرجاع اكثر من 3,000 قطعة أثرية منذ العام 2005 وتم تسليمها للعراق . وكذلك قامت الحكومة البريطانية بارجاع قطع اثرية مسروقة وضعت السلطات يدها عليها وسلمتها للعراق ، وكان آخرها تسليم العراق حجر أثري بابلي نادر يحمل رموز وأحرف مسمارية ، تم تسليمه لمسؤولي السفارة العراقية في لندن الثلاثاء الماضي.
جون كورتس ، مدير متحف اصدقاء البصرة ، وهي جمعية مقرها بريطانيا شكلت في العام 2010 ، قال ان المنظمة كانت تعمل طوال الوقت لضمن عودة القطع الاثرية المسروقة للعراق.
وقال ، كورتس ، خلال مراسيم افتتاح متحف البصرة " في أي وقت اكون فيه مدركا بان هناك شيء قد تم تصديره بشكل غير شرعي اقوم بالإبلاغ عنه للجهات المعنية لضمان ارجاع هذا الشيء لمالكيه الحقيقيين . سيكون متحف البصرة لجميع منطقة جنوبي العراق وللمنطقة الاقليمية الأوسع بشكل عام."
وكيلة وزارة الثقافة سابقاً ، ميسون الدملوجي ، قالت إن افتتاح متحف البصرة هو لا يمثل متحفاً فقط بل رسالة مفادها بان العراق هو بلد حضارة وسلام.
الاثارية العراقية الراحلة ، لمياء الكيلاني ، كانت قد كرست العشر سنوات الاخيرة من حياتها لمشروع تأسيس متحف جديد للبصرة . كان هناك متحف سابق في البصرة في منطقة العشار ولكنه تعرض للنهب بعد اندلاع حرب الخليج الاولى وسرقت نصف محتوياته تقريباً وتم نقل ما تبقى فيه الى مخازن المتحف العراقي في بغداد حيث تم إغلاقه في العام 1991 .
في العام 2008 وبالتشاور بين الجيش البريطاني المتواجد في البصرة والسلطات العراقية تم الاتفاق على أن يتم تحويل القصر الذي يشغله الجيش والمطل على شط العرب ليكون متحف جديد لأثار البصرة .وبعد انسحاب الجيش البريطاني من البصرة عام 2009 تمّ تشكيل جمعية ، أصدقاء متحف البصرة ، الخيرية في لندن لإكمال مشروع انشاء المتحف.
كانت الراحلة لمياء الكيلاني عنصراً رئيساً في هذه الجمعية ، وكان المشروع قد حظيّ بدعم سخي سابق من قبل شركة النفط البريطانية برتش بتروليوم وأضيف اليه تبرع آخر من الحكومة البريطانية حيث تم خلاله إعادة تأهيل مبنى القصر وإقامة أول عرض للآثار فيه وكان ذلك في 27 أيلول عام 2016 . وتكلل فيما بعد بتاهيل ثلاث قاعات عرض آخرى في المتحف وهي القاعة الآشورية والبابلية والسومرية حيث تمّ افتتاحها في 19 آذار الحالي . كان للكيلاني دور حيوي في ذلك من خلال زيارتها للبصرة وعملها عن قرب مع مدير المتحف قحطان العبيد والسلطات المعنية في بغداد . من المؤسف أن عمرها لم يسعفها لرؤية نتيجة عملها يتحقق في متحف البصرة ولكن مساهماتها ستبقى تذكر بفخر في المتحف.
عن موقع ذي ناشنال و آرت نيوزبيبر