طالب عبد العزيز
في لقاء شبه موسمي، جمعني مع ممثل الأمم المتحدة، قبل أيام بالبصرة، كنا تحدثنا في شأن البصرة طويلاً، استحضرنا فيه أزمة الماء المالح، وتظاهرات الشباب، وأزمة الكهرباء، وخروج البصرة من كونها سلة غذاء زراعية، بعد أن تحولت الى مدينة نفطية، لكنني، في الاخير سألته: ما إذا كانت الأمم المتحدة تملك وسيلة ضغط ما على الحكومة العراقية، من أجل جملة إصلاحات، تنهي معاناة الشعب أو تخفف منها، في اقل تقدير، فاجابني: العراق، دولة ذات سيادة، ودورنا لا يتجاوز النصح والمشورة، عندها هززت يدي يائساً.
ثم، إنني حين تحدثت في حجم الفساد المستشري، واليقين الشعبي القاطع بعدم إمكانية الاصلاح، بسبب التداخل بين ما هو أمني وسياسي واقتصادي، لا يصب في مصلحة الشعب، إنما يتجاوزه الى منفعة الطبقة الحاكمة اليوم، والى مستقبلها في الخارج والداخل، واستحواذها على مقاليد السلطة، عبر وسائل أسستها لها، في شبكة معقدة قوامها التقديس، وأحكام القبضة المسلحة، والهيمنة على المشاريع، وبذلك خلاصات نهائية، لا مخرج لنا منها، فهي مستعدة لفعل أي شيء من شأنه يضمن لها بقاءها وسيادتها، أو قدرتها على إدارة أي وهم بالتغيير، شريطة أن لايقذف بها خارج السلطة. الغريب إن ممثل الأمم المتحدة بدا لي عاجزاً، أيضاً، فقد قال لي: نعم، بالضبط، ما يحدث العراق يشبه ما يحدث في بلدي، أوكرانيا .
أحد الأصدقاء يقول لي: أتعلم ما هي وظيفة الامم المتحدة، فقلت: لا والله، لم أعد أجد تفسيراً لما تقوم به في العالم، وما تقوم به الولايات المتحدة الامريكية من إذلال وهيمنة على العالم جعل من دور الامم المتحدة هامشياً، لا قيمة له. فاجابني: لا، يا صديقي، كل ما تقوم به الامم المتحدة، هو تجميل للقبح الذي تمارسه واشنطن. فهي(الاخيرة) تضرب اقتصاد الدول، فتأتي الأمم المتحدة بالمساعدات، وتضرب الشعوب بالقنابل، فتتدخل الامم المتحدة عبر الصليب الاحمر، وتسقط أنظمتها فتشغلها بديمقراطيات كاذبة.. وهكذا. وحين سألت ممثل الامم المتحدة عن ما قامت به في البصرة، بعد أزمة الماء المالح؟ قال: بانهم جلبوا 7 أنابيب لمحطة الـ R0 فيما جلبت الحوزة العلمية في النجف 21 أنبوباً وبذلك، تتبين الموعظة لمن يعوّل على دور الأمم المتحدة أو حكومة واشنطن، في ما يمكن أن يحدث في العراق من تغيير.
وبعيداً عن نظرية المؤامرة نقول بان أمن اسرائيل مهمة كل حكومة أمريكية، وبقاء العراق ودول الهلال التي تحيط اسرائيل ضعيفة، منهكة الاقتصاد، مفككة المدن، واهنة القوى، منخورة اجتماعياً، وظيفة أمريكية بامتياز، وتصب في منفعة تل ابيب، ينفذها مأمورون معلومون، ومن يعتقد بغير ذلك فهو فاقد الوعي والأهلية.