إياد الصالحي
على ضوء قرار مجلس الوزراء 60 بجلسته في 28 شباط الماضي، اتخذت وزارة الشباب والرياضة حزمة من الاجراءات اللازمة لتسهيل تنفيذ القرار والمباشرة بحصر منح المال عن طريق لجنة خاصة لديها ممثل مع وزارة المالية تدير المنحة المخصّصة للجنة الأولمبية في قانون الموازنة العامة لسنة 2019 الى حين تشريع قانون جديد.
قرار واضح في نيته الإنسانية والمهنية والقانونية ولا اعتقد أن هناك من يفسّر القرار بغير مقصده إلا إذا كان يشعر بضرر ما جرّاء تقنين الأموال والجهات المستفيدة منه، وبشكل عام يُعد قراراً حكومياً حكيماً فوّتَ الفرصة على اللؤماء ممّن دأبوا على تخريب مثل هكذا إجراء بنقل مفاهيم مخطوءة الى اللجنة الأولمبية الدولية، فجاءت الصيغة مُثلى بالتوازن بين المبرر "الإصلاح" والنتيجة "القانون الجديد" المرتقب لكي يسود الاستقرار قطاع الرياضة وتتخلص مفاصلها من العابثين بمصائر الاتحادات والمكتب التنفيذي دون أن نستثني أحداً.
الملاحظة الوحيدة التي غفلَ عنها قرار مجلس الوزراء 60 عدم تضمين عبارة ضرورية في المعنى والتطبيق، فالمجلس أكد على "استقلالية اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية في أداء مهماتها وحرصه على وجوب توجيه نفقاتها على النحو الأمثل" عبارة مثل هذه تعطي مبرراً صريحاً لتنفيذي الأولمبية المُنتخب بأنه شرعي طالما لم ترد العبارة كاملة (استقلالية الأولمبية الوطنية العراقية متى ما امتلكت قانوناً) .. غياب الكلمتين الأخيرتين دفعت بعض اعضاء التنفيذي ليخرجوا للإعلام مُعربين عن سخطهم ضد أسلوب تنفيذ إجراءات وزارة الشباب والرياضة للقرار الحكومي.
ما يثار اليوم عبر وسائل الإعلام ومواقع السوشيال ميديا من تلاسن وضرب تحت الأحزمة وتهديدات خطيرة تجاوز بعض أصحابها حدود الكياسة بأهانتهم اسماء قيادية في الرياضة فُسّر على أنه توجّه خطير يقترب من التحقيق البوليسي في ممارسة عمل استقصائي بحثاً عن مُتهمين أو متورّطين أو سرّاق أو مجرمين، وهذا الأمر ينبغي عدم السكوت عليه من قبل وزير الشباب والرياضة أحمد رياض لاسيما أن اللجان شكلّتْ من قبله كونه رئيس اللجنة الثلاثية وعليه أن يوجّه فوراً بعدم ظهور أي من المكلفين بعمل اللجان رؤساء وأعضاء في التلفاز أو إعطاء تصريحات صحفية ويتكفّل بذلك مدير قسم الإعلام والاتصال الحكومي الدكتور موفق عبدالوهاب.
ما معنى أن يظهر رئيس لجنة المتابعة صباح الكناني بعد يوم واحد من تسميته ليهدد بفضح أحد عشر ملفاً عبر قناة دجلة ويشير الى تورط رئيس اللجنة الأولمبية وإدانته في احدى القضايا بشكل واضح كونه أعطى موافقته بإمضاءة على مشروع استثماري في ديالى؟! ومعلوم إن جميع تلك القضايا لم يجر التحقيق في بعضها ولم تقدم للمحكمة ولم تكمل لائحة الشكوى ، ألا يعد ذلك ضغطاً وإرهاباً وخرقاً في عمل اللجان باسم الوزارة والحكومة؟ لماذا لم يُصدَر توضيحاً إزاء ذلك حتى الآن من قبل قسم الإعلام في الوزارة ؟ ثم كيف يستبق عضو اللجنة رعد اللامي العمل ويقول للقناة ذاتها ( لو منحتُ 24 ساعة لأضع يدي على وثائق الأمانتين المالية والعامة للجنة الأولمبية لارسلت اعضاء مكتبها التنفيذي كلهم الى السجن) وحتى لو امتلك الأدلة القاطعة بوجود فساد أو تلاعب في أوراق الأولمبية فهناك مؤسسة قضائية تحقّق وتعاقب وفق القانون، أما الارتجال في الكلام لبيان سطوة القرار الحكومي وكأنه صدر مستهدفاً أشخاصاً بعينهم وليس إصلاح العمل فهو خرق فاضح يستوجب إعادة النظر بالاسماء المختارة في تشكيلات اللجان كي لا تفسد مضمون القرار 60 وإن بُرّرَ ذلك بدافع الحرص على المال العام.
من ناحية الأولمبية، لا يمكن قبول صمت رئيسها رعد حمودي أزاء حالة الرعب والصراخ التي تعيشها مؤسسته جرّاء قرار الحكومة وتبعاته المتفق عليها من قبل اللجنة الثلاثية، فالنائب الأول فلاح حسن الذي نستغرب نشر تصريحه أمس الثلاثاء من قبل المكتب الإعلامي بصفة (الرئيس وكالة) خلافاً للنظام الأساس الذي لم ترد فيه هكذا تسمية، ففلاح ومن معه مازالوا يصرّون على أن الهيئة العامة هي من انتخبتهم وبالتالي لابد من عدم مسّ شرعيتهم المزعومة وإشراكهم في تنفيذ عمل اللجان! وتناسى فلاح أن إمضاءة الرئيس حمودي تؤكد إنه وهب الصاية للوزير على اساس تمشية الميزانية المخصّصة من الدولة للرياضة وبالتالي لا أحد يحاسبه (أي حمودي) لو منح نفسه أجازة طويلة حتى تنجلي الأزمة!
في ضوء ما مضى، أرى أن الحل يكمن في تقدير رئيس اللجنة الأولمبية محتوى القرار 60 ومبرّرات تشكيل اللجنة الثلاثية وما انبثق عنها ويصب اهتمامه مع أعضاء مكتبه التنفيذي في كيفية الاسراع بإنجاز القانون الجديد ويدع الاتحادات الرياضية تنسّق عملها مع لجنتي الصرف والتدقيق لتمشية الأنشطة وتسديد مستحقات الموظفين، والابتعاد عن التصريحات المتشنجة والتلويح بتعذر مشاركة هذا المنتخب أو غيره في بطولة ما، فالحظر المالي الوقتي مع ضرر المنتخبات الجزئي أفضل بكثير من تجميد الرياضة بحظر دولي لا تُعرف نهايته.