طالب عبد العزيز
يعلم البصريون، قبل غيرهم، وأنا منهم، بأن الرحى التي تقف وراء جعجعة إقليم البصرة لن تنتج طحيناً، وأعلم، بان ما أكتبه لن يضيف الى ما استخلصوه شيئاً، لكنْ، لا بد من كلمة، نعيد التنبيه فيها الى جملة نقاط.
في البدء، ليست فكرة الإقليم بجديدة على الحراك السياسي –الاجتماعي، في المدينة(البلاد) نعم، البصرة، أكبر من مدينة، فهي بلاد كانت قائمة في التاريخ، وهي ولاية جامعة لجملة بلدات، فقد كانت عاصمة لأكبر ولاية عثمانية بعد بغداد، امتدت حدودها الى نصف الخليج ونصف البر وكل الجنوب العراقي، لذا فالمطالبة بجعلها إقليماً ليس بالكثير عليها، إذا أضفنا لذلك انها قوام اقتصاد العراق، وعنوان نهضته، منذ نصف قرن ويزيد، وقبل ذلك، كان السيد طالب النقيب(البصري) الشخصية الأبرز، في الترشيح لعرش العراق، أبان تأسيس الدولة العراقية سنة 1921.
ومع أن المحاولات التي قامت بها بعض التيارات السياسية، الاسلامية تحديداً، والشخصيات المختلفة، من خارج الحكومة المحلية، قد جوبهت بالفشل تارة، وبالرفض تارة أخرى، لأسباب معلومة، عند البصريين، أيضاً، إلا أنَّ لموضوع الإقليم هذه المرة حكاية طريفة وغريبة، فالحكومة المحلية ذاتها، هي من تبنت قضية الاقلمة !! وهذا، ما يثير أكثر من سؤال، ترى، لماذا تقدم حكومة البصرة على خطوة مثل هذه ؟ متحدية زعاماتها في بغداد، وخارجة بذلك على النسق الحكومي العام، القاضي بعدم الموافقة على إقامة إقليم البصرة، مهما كانت الدوافع والنتائج وراء ذلك.
يسبغ البصريون الفشل والفساد على الحكومات البصرية المتعاقبة منذ العام 2004، ولعل أول فشل كان هو يوم استقبل اعضاءُ الحكومة القبلةَ، مصلين، شاكرين، داعين الله لهم بالتوفيق بدعاء الشكر الذي مكنهم من الحكم، يتوسلون الله وملائكته ورسله، أن يعينهم في أعمالهم، في الصلاة التي أمّهم فيها أحدُ مشايخهم الكبار، منذ اليوم ذاك، وهم يدعون الله، بأن يكمل ليهم دينهم، ويمنَّ عليهم بتوفيقه، وها هم قد أكملوا(دينهم) وأتم الله عليهم(النعم) فصاروا أصحاب ملايين وشركات ومشاريع، وصاروا أصحاب وجوه مشرقة، لا يأتيهم (الباطل) من أمامهم ولا من خلفهم، وظلت البصرة بهم (مزدهرة) (آمنة) (مطمئنة) (مفتوحة) على الشركات، (منفتحة) على التحضر (نظيفة) الشوارع، (خالية) من كل سوء.
منذ صلاة الشكر تلك، وأعضاء حكومة البصرة يستغفلون أبناءها، يوهمون الشفيع والوضيع من أهلها بأن القادم من الايام سيحمل في طياته الخير والنماء وفرص العمل والسُؤدد، ترى، أين كنتم طوال عقد ونصف من الدهر؟ وما الذي تحقق من الموازنات الانفجارية ؟ واين ذهبت التخصيصات المليارية، وإذا ما تحققت فكرة الإقليم، من فيكم سيتولى زعامته؟ المحافظ الهارب أم الرئيس .... وفي مصرف أي حزب من أحزابكم ستذهب المليارات؟ لا، يا سادة، أنتهت المسألة، لم يعد البصريون يثقون بأي واحد منكم، أنتم سقط متاع السياسة، في البلاد التي تعدُّ اليوم واحدة من أسوأ بلدان الأرض، وأكثرها فساداً، واشدها تدهوراً في الأمن، وأتعسها شعوباً.
كل الذين تناوبوا على طرح مشروع الإقليم كانوا يحلمون بمشاريعهم الشخصية، وما يخطط له أعضاء حكومة البصرة ليس أكثر من ذر الرماد في العيون، وللتغطية على الفشل والخيبة والفساد. لسان حال البصريين يقول: متى ما تمت محاسبة القتلة والفاسدين والفاشلين، والذين تسببوا بهدر المال العام، والمشاريع الفاشلة، وتمت أحالتهم الى القضاء العادل النزيه- وهذا مستحيل- إذاك، سيكون للبصريين القولُ الفصل