علي حسين
تحوّلت الانتخابات في بلاد الرافدين من منافسة على خدمة المواطن إلى صراع على الكراسي . وبدل أن تفرز لنا الانتخابات وجوهاً جديدة تطور العمل السياسي ، وتعزز مفاهيم الديمقراطية ، فإنها أصبحت مثل حرب داحس والغبراء كل واحد يريد الزعامة لنفسه ، ولا تختلف انتخابات مجلس النواب التي أهدت لنا رئيساً للبرلمان يحاول هذه الايام ان ينافس المرحوم " ابن بطوطة " في رحلاته ، عن انتخابات مجالس المحافظات التي قدمت للعراقيين كنوزاً لايمكن الاستغناء عنها ، مثل كامل الزيدي وصلاح عبد الرزاق وصادق مدلول وماجد النصراوي والعاكوب والأخوين النجيفي ، والبزوني والسليطي والخبير في كل شيء سعد المطلبي ، وأسعد العيداني وليس آخرهم نجم الدين كريم الذي أصرّ على أن يُسعد المواطنين في كركوك بتمثال لسيادته !
والحقيقة، لا يعرف المواطن هل الديمقراطية تسمح لأُناس قليلي الخبرة والكفاءة أن يتحكموا بمصائر الملايين ؟ ، البعض ربما سيقول يارجل الانتخابات مسرحية مسلّية ، شعارات وخطب ، وأموال توزّع ، وكنت مثل أي مواطن أعتقد أن التغيير الذي حلمنا به ستكون أولى خطواته متّجهة نحو الإصلاح وإعلاء شأن المواطنة والعدالة الاجتماعية ، لكني في كل انتخابات أكتشف بأنّ أمنياتي مثل أحلام العصافير. كنتُ مراهنًا نفسي على أنّ ساستنا سيخلعون "جلباب " الطائفية ، ويرتدون ثوب الوطن ، ويبدو أنني خسرت الرهان، مثل كلّ مرة أراهن فيها على مسؤول عراقي، ولهذا قررت في كل انتخابات أن أبقى ملازماً حاسبتي أكتب هذا العمود ، وأقرأ في كتبي ، وأتفحص تجارب الشعوب التي قادها ساسة ومسؤولون خرجوا من طائفيتهم ومذهبيتهم الى فضاء أوسع . في الوقت الذي عمد فيه ساستنا منذ اللحظة الأولى لجلوسهم على الكراسي إلى تغذية الاحتراب بين مكونات المجتمع العراقي ، والسعي الى إشاعة مفهوم الانقسام المجتمعي .
ولهذا عزيزي القارئ تجدني أتمنى من كل قلبي أن يهدي الله المواطن مادمنا في عصر صناديق الانتخابات إلى اختيار نواب وأعضاء مجالس محافظات تتوافر فيهم صفات الشهامة والسمعة الطيبة، يدافعون عن الناس وليس عن مصالحهم الخاصة، ويحتمون بالحصانة الوظيفية ضد الفساد،لا أن يستثمروها في الرقص مع الفساد. فقد عانينا خلال الستة عشر عاماً الماضية من صور وأشكال لمسؤولين يلبس بعضهم عباءة الفضيلة ليداري الفساد الاداري والمالي الذي يعشعش في مؤسسات الدولة .
ومرّة أخرى اقول لاخوة اعزاء في البصرة ، لا مصادرة على حق أحدٍ في ان تنتعش البصرة وتزدهر سواء كانت اقليم او محافظة ، لكن ذلك لا يبيح لسارق وانتهازي وفاشل أن يركب موجة الاقليم، وهو السبب وراء " خراب البصرة"