علي حسين
منذ أن تفجرت الاحتجاجات في الجزائر وبعدها السودان ونحن نردد معهم المقولة الشهيرة: "الدكتاتورية تبنى في سنين وتسقط في لحظات"، وكأن التطور الدراماتيكي المثير في هذه البلدان أراد أن يثبت للعالم أن التغيير ممكن بأبسط الأدوات، المهم أن تتوافر الإرادة الشعبية المخلصة، وأن يكون هناك استعداد لدفع الثمن، وساعتها سيكون التغيير سهلاً، ، وفي السودان شاهدنا كيف أن صوت " كنداكة " أنهى ثلاثين عاماً من البؤس عاشها السودانيون في ظل الرئيس المؤمن عمر البشير..فيما تظاهرات شباب العراق ابتلعتها الاحزاب وكانت طريقا للجلوس تحت قبة البرلمان .
في واحدة من أجمل مشاهد تظاهرات السودان ، كان مشهد الفتاة آلاء صلاح التي اشتهرت بلقب " حبوبتي كنداكة" ،وقبل هذا المشهد كان البشير يقف بنفسه ليردّ على المنظمات الدولية التي اعترضت على جلد فتاة سودانية لأنها ارتدت البنطلون ، قال آنذاك ساخراً وهو يحمل عصاه "البعض يتحدث عن الفتاة التي جلدت على وفق حدود الله والذين يقولون إنهم خجلوا من هذا عليهم أن يغتسلوا ويصلّوا ركعتين ويعودوا للإسلام"
أتذكر ما قاله البشير ، وأقرأ في الفيسبوك صفحات للعراقيين وهم ينشرون صور الفتاة السودانية ، ويتفاخرون أن امرأة قادت الحراك ، ولم أجد تعبيراً أبلغ مما قاله يوماً عمنا جعفر السعدي "غريب أمور عجيب قضية" ، فقبل أشهر قتلت امرأة عراقية في البصرة اسمها سعاد العلي ، فقط لانها شاركت في الاحتجاجات ، وبدلاً من أن نحييها ونطالب بالبحث عن قتلتها ، ذهبنا نشمت فيها ، بل إنّ البعض شعر بالنشوة لمقتلها .
منذ أيام وساستنا الأشاوس يروّجون لقوانين تمنع الاحتجاجات ، وتُخرس كل من يطالب بمحاسبة مسؤول " مقدّس " ، ويتظاهرون لمنع " فجور " العراقيين " ، لكنهم صمّ وبكم وهم يشاهدون العمليات المنظمة لنهب ثروة البلاد وإشاعة الطائفية وتشجيع الانتهازية والتزوير ، وفيما الرئيس السوداني " المؤمن " ظلّ يهدّد الغرب ملوّحاً بعصاه: "من يطمع في السودان عليه أن يلحس كوعه" ، فأضطر في النهاية ان يلحس كوعه ، فيما نحن نواجه آخر الإحصائيات التي تقول إن محافظة المثنى أكثر المحافظات فقرا، تليها في الفقر الديوانية وميسان ثم ذي قار ثم نينوى ثم واسط ثم ديالى ثم صلاح الدين ، والقائمة تطول، وحين تنظر في قائمة أسماء نواب هذه المحافظات ستجد عدنان الأسدي يسيطر على المثنى في البرلمان وأبو مازن ينصب نفسه إمبراطوراً في صلاح الدين .
أيها السادة أعطوني اسماً واحداً لمسؤول عراقي لم يسرق ولم ينهب ، ولايستحق ان نخرج في تظاهرات لاسقاطه .