TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: "بوبجي " في البرلمان

العمود الثامن: "بوبجي " في البرلمان

نشر في: 17 إبريل, 2019: 12:00 ص

 علي حسين

منذ أن شرعتُ في كتابة هذه الزاوية المتواضعة ، وأنا أحاول طرح موضوعات لا تجلب لقرّائها اليأس ولا تحاصره بمزيد من البؤس ، غير أنني أخجل أيضاً من أن أشغل القارئ بالدعابات ونكات بهاء الاعرجي عن محاربة الفساد ، ونظرية اسامة النجيفي عن الإصلاح ، وأحاول وأنا أكتب مقالاً أن أعود فيه إلى بعض الكتب التي حالفني الحظ وقرأتها، فأجد أن مفكراً بحجم غرامشي يعترف بأن "الاستبداد ينتعش في زمن الفوضى" ، والفوضى هي التي جعلت البرلمان العراقي يترك قوانين تخص الخدمات والتنمية ويصرّعلى أن العراقيين بحاجة الى شرطة "المحافظة على الأخلاق " ، وان لعبة البوبجي اثرت في العراق على تطور الصناعة والزراعة ، للاسف اليوم نجد العشرات من النواب يخرجون علينا ليصرخوا من شاشة الفضائيات "نحتاج إلى قانون جرائم المعلوماتية " لأن المواطن يتعرض إلى مؤامرة خارجية " ، ومن أجل هذه المهمة " المقدسة " وجدنا النائب عدنان الأسدي يجلس في الاستوديو ، ينظر الى مقدم البرنامج الذي يسأله : ماذا يحدث في البرلمان ، هل حقًا تريدون قوانين تضطهدون بها الناس ؟ يردّ الأسدي وقد ملأت الابتسامة وجهه : نحن نريد الحفاظ على القيم والأخلاق !
قبل هذا القانون كانت حنان الفتلاوي تصرخ كل يوم وهي تشتم متظاهري ساحة التحرير الخونة الذين ينفذون أجندات خارجية ، ثم تكشف الأيام أن الفتلاوي ومن معها هم من نهش جسد الوطن، وتغذّى على لحم المواطن الحيّ، وحوّل الوطنية الى مصدر للتربّح والثراء والكراسي ، وشراء القنوات الفضائية .
في فقرة غريبة ومضحة في القانون نقرأ : " يعاقب بالسجن المؤبد كل من استخدم مواقع الإنترنت للمساس باستقلال البلاد وسلامتها ومصالحها الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية أو الأمنية " ، وفات السادة اعضاء البرلمان أنّ هذه الفقرة بالذات لا تعني من قريب او بعيد المواطن الذي لم يشكّل يوماً خطراً على البلاد وإنما هي مفصّلة تفصيلاً على معظم السياسيين من الذين قلوبهم على إيران، وعيونهم صوب أردوغان، ولاينامون الليل إلّا ويطمئنوا أنّ كل شيء تمام في طهران وأنقرة، في الوقت الذي نراهم يصرّون على أن يبقى العراق متصدّراً تصنيف الأمم المتحدة للدول الأكثر بؤساً وخراباً.
منذ ستة عشر عاماً ونحن نعيش في ظلّ مسؤولين باتت تبعيّتهم الكاملة لما تقرّره دول الجوار أمراً واضحاً يتكرر بين اليوم والآخر. ويعلم هؤلاء الساسة والمسؤولون أنّ المواطن العراقي يستطيع أن يحصي بشأنهم عشرات التصريحات التي تساند ما يجري في أنقرة وطهران والدوحة أو الرياض، فيما نراهم لايحسبون حساباً لوطن اسمه العراق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: صنع في العراق

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram