TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مجرد كلام: ضابط إيقاع

مجرد كلام: ضابط إيقاع

نشر في: 22 إبريل, 2019: 12:00 ص

 عدوية الهلالي

حاول مجلس محافظة بغداد أن يفعل شيئا بدل الوقوف متفرجا على تفشي ظاهرة الانتحار في العراق بين الشباب والمراهقين خصوصا فأصدر قرارا بإنشاء سياج أمني محكم لجميع الجسور في بغداد بهدف منع الشباب من إلقاء أنفسهم من على الجسور والتراجع عن قرار الانتحار غرقا !!
لانريد هنا ان نقلل من قيمة القرار الذي ربما سيساعد الى حد ما في الحد من حوادث الانتحار ، ولكن هل سيمكن للسياج الامني ان يمنع من أنّ تصبح الحياة عبئا عليه ويحتاج الى التخلي عنها بالهروب منها الى عالم الموت المجهول بما يحمله من رهبة ، إذ يبدو أن رهبة الموت لاتطول في تلك اللحظة من يفقد الإحساس بقيمة الحياة وربما يكون إحساسه وقتها مغيباً تحت وطأة معاناة تجعل من قرار الموت – على صعوبته – بلسماً لجراحه ..
في محاولة الحد من أية ظاهرة ، يعمد الخبراء والمتخصصون الى مناقشة أسباب تلك الظاهرة للسعي الى معالجتها ، ومن يسعى الى القضاء على ظاهرة الانتحار أو الحد منها لابد أن يبحث في أسبابها التي لايجهلها أحد فالشاب العراقي حالياً قد لايملك خيارات كثيرة ليعيش حياة كريمة ، فهو إما عاطل عن العمل أو مضطر لممارسة أعمال مهينة او فقيرة ليدفع عجلة الحياة وقد يكون فردا من عائلة مفككة وتواجه مشاكل أسرية كبيرة أو يائسا من تحقيق أمنياته الدراسية كما أن هنالك من يواجه متاعب من نوع جديد بسبب هيمنة وسائل التكنولوجيا على حياتنا وقد يتعرض عبرها الى ابتزاز إلكتروني يضعه في زاوية التهديد والخطر فيختار الموت خلاصاً من الفضيحة والعواقب الاجتماعية أو الامنية أو ربما يتورط بالإدمان على المخدرات ويفضل الموت علاجاً لإدمانه..وفي أفضل الأحوال تكون الأسباب نفسية أو عاطفية لكنها تعود لتصب في مجرى الأسباب الاقتصادية أولاً وأخيراً فقد يكون الفقروعجز الشاب عن الزواج سبباً لخسارة الحبيبة او تكون الخيانة الزوجية نتاجاً للفقر وبالتالي يظل الدولار أكبر ضابط إيقاع في العالم كما قال محلل اقتصادي ذات مرة ، وتظل الظواهر الاجتماعية على اختلافها مرتبطة به بشكل مباشر أو غير مباشر ، مايعني أن ظاهرة كالانتحار لن تقتصر على القفز من على الجسور بل يمكن تنفيذها بوسائل مختلفة ومبتكرة لكن محاولة الحد منها تحتاج الى خطوة أولى وأساسية وهي حل مشاكل الشباب الاقتصادية بتوفير فرص عمل وأبواب رزق كريمة ..يمكن للحكومة ان توفر بيئة استثمارية سليمة –على سبيل المثال- لتعيد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للعراقيين ، وبدلاً من انتظار الشاب لوظيفة حكومية ميئوس منها ، قد يجد في المشاريع الاستثمارية فرصة عمل تساعده على تخطي متاعبه وتساعده على رسم ملامح للمستقبل ومن يملك القدرة على تخيل وجه المستقبل لن يفكر يوماً في الانتحار لأن ضبابية الصورة ومجهولية المصير يمنحان الشاب سلاحا ينفذ به قرار مغادرة الحياة دون أسف عليها ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram