علي حسين
لستُ أعرف ما الذي يفكر فيه القارئ في هذه اللحظة ، لكن أنا شخصياً أشعر بارتياح ، حدثان لا مثيل لهما في العراق ، الأول، الإعلان عن تقارب بين المالكي والعبادي ، وهذه البشارة نقلها لنا النائب السابق والوزير الأسبق جاسم محمد جعفر، مؤكداً " عزم حزب الدعوة خوض انتخابات مجالس المحافظات بتحالف واحد لاستعادة مكانته في الشارع العراقي " ، وماذا عن التنمية والخدمات ، مؤجلة حتى يعود حزب الدعوة حاكما ، الخبر الثاني طريف فقد استطاعت هيئة النزاهة ضبط 76 مليار دينار سحبها العاكوب قبل إقالته ، ربما الرجل كان بحاجة الى مصاريف جيب ، حاله حال معظم المسؤولين الذين يؤمنون أن المال العام حق لهم ولعوائلهم.
خبران عراقيان بامتياز ما بعدهما مسائل بسيطة جداً لا أهمية لها. مثلا، البطالة التي ضربت أرقاماً قياسية . المستشفيات الوهمية التي اكتشفنا والحمد لله أن السيدة عديلة حمود لاعلاقة لها بالامر ، مثلما تبين ان عدنان الاسدي ظُلم في قضية أجهزة كشف المتفجرات ، فهذه مؤامرة سياسية أرادت النيل من مكانة خبير أمني ! أما الآلاف الذين راحوا ضحية هذه الاجهزة ، موضوع لم يتم الاتفاق عليه بعد !
ستقولون يارجل هل ركبك عفريت اسمه عدنان الاسدي ، فأصبحت تلهج باسمه ليل نهار ، أعتذر.. كنت أنوي اليوم الكتابة عن بؤساء فكتورهيجو ، هذه الرواية التي وكانت تتصدر الكتب الأكثر مبيعاً في فرنسا حتى جاءت زميلتها " أحدب نوتردام " فأزاحتها ، لا أعتقد أن أحداً يمل من روايات هيجو التي يذكّرنا أبطالها بالبؤس الذي تتسع رقعته في بلاد الرافدين، يوماً بعد آخر بفضل سياسي فاشل يريد الانتقام من الناس لأنهم لايصدقون أنه زاهد في المنصب، ، لكن إياكم والاقتراب منه وإلا سيحولكم جميعا الى أبطال لرواية البؤساء العراقية.
لم يُقبِل الفرنسيون على بؤساء هيجو حال صدورها، فالحياة كانت تعج بالبائسين، لكن بعد عقود تصبح هذه الرواية نموذجاً للأدب الإنساني وتتجاوز مبيعاتها المئة مليون نسخة، كتب هيجو أن "الحقائق التي تقدم الدولة للناس ما هي إلا أكاذيب يحاول البعض أن ينشروها على أنها حقائق" يحزنني ياسيدي الأديب الفرنسي أن أخبرك أنّ مسؤولينا يعتقدون ان مجرد ان يُقبّل المالكي خدّ العبادي يمكن ان يجعل المواطن العراقي يخرج الى الشوارع يهتف بحياتهما ، لأنهما متلازمان، فلا المالكي من دون العبادي ، ولا العبادي من دون المالكي .. ولا شعب سعيد من دون حزب الدعوة.