طالب عبد العزيز
استعادت البصرة الكثير من عافيتها بسبب السيول والزيادات المائية، وصورة شط العرب هي الاجمل اليوم، هنالك سعادة واضحة لدى السكان في رؤيتهم لمنظر الشط وقد امتلأ ماءً حلواً عذباً، مع وجود الخشية من تحول ذلك الى كارثة، إذ أن استعدادات الحكومة المحلية غير واضحة، في حالة وصول زيادة مائية وغير متوقعة.
بدا واضحاً أن الذين قالوا باهمية السد على شط العرب، كانوا على خطأ تماماً، فقد بينت السيول الفيضانية والزيادات المائية الكبيرة بأن أي سد على الشط، سيكون كارثيا على البصرة والجنوب بعامة. وهنا، أشهد بأن خبراء الري والمياه وأخص بالذكر(د. حسن الجنابي وعون عبد ذياب ورمضان البدران وغيرهم ) كانوا على حق، يوم وقفوا بالضد من فكرة بناء السد.
ولأن الموضوع ما زال قائماً بعد، والخشية من شح في اطلاقات المواسم القادمة قضية غير مستبعدة، فهذه الطبيعة تكون رطبة في سنوات وقد تكون قاسية جافة في سنوات أخر، لذا، سيكون اهمال نظم الري والاعتماد على جود الطبيعة والاتكال على الدول المجاورة جالباً للكارثة علينا لا محالة ذات يوم، وكانت تجربة الاعوام التي تلت العام 2009 قاسية عبر ألسنة الملح على البصرة ومكلفة في الاقتصاد والبيئة .
يبدو أن حكوماتنا الفدرالية والمحلية تعملان بالضغط والتفطين، وليس بالستراتيجيات والتخطيط، فما أن هدأت ثورة الجماهير المطالبة بالماء الحلو حتى هبت الحكومة تقترح وتعد وتحاول، لكنْ، ومع مرور الايام، وتمكنها من الغضب بالرصاص والرعب، اهملت قضية بناء محطات التحلية والتصفية ايضاً، فلا حديث اليوم عن عقود مع شركات أجنبية بشأن ذلك، ولم يشعر المواطن البصري بأي تغيير في شبكة الاسالة، اللهم إلا ما جادت الطبيعة به عليه، بعد انقشاع موجة الملح بفعل السيول والزيادات، التي أزاحت الملح ومخلفاته باتجاه البحر، لكن، السؤال يقول: هل ستظل الحكومة تعتمد على جود الطبيعة في حلولها، أم أنها تنتظر غضباً جديداً؟
ما تنعم به البصرة ومدن الجنوب من تحسن في نوعية المياه يجب أن يتوقف عنده المسؤولون الحكوميون، فذهاب الكميات الهائلة من المياه العذبة الى البحر قضية بحاجة الى تامل، والنقص الذي تعاني منه المدن الواقعة على نهر الفرات في الجنوب(السماوة والناصرية) بحاجة الى تأمل، إذا ما علمنا بان الفرات لم يعد متصلاً بدجلة عند نقطة القرنة، هو منبتر في جنوب الناصرية ويعاني من قلة في مياهه، أما أمكانية استحداث خزانات في بادية السماوة فأمر ممكن ايضاً، فخبراء الانواء الجوية يقولون بان السنوات القادمة ستشهد أجواء رطبة ماطرة وغزيرة الماء وهناك موجة فيضانات غير مسبوقة قد تتعرض لها المنطقة، وربما تكون مدن الجنوب العراقي هي الاكثر تضرراً جراء ذلك.