محمد حمدي
من المشاهد المعتادة في دوائر ومؤسسات الدولة هي ظهور حالات غير محسوبة في المعاملات الإدارية بعضها يستحق التوقف والآخر يكون التوقف عنده مضيعة للوقت أو لابتزاز المراجع واستنزاف طاقته عن قصد. والمشكلة الأكبر هي في روح ونص القانون الذي يجيز التلاعب بالمسمّيات واستحداث المصطلحات، ولو أردنا الخوض في هذه السلسلة المُعقّدة لاستنزفنا الكثير من الجهد والوقت في أمور معروفة صارت مثاراً للتندّر والسخرية وركيزة لأهم مفاصل الفساد الإداري!
أردنا فقط أن نعرّج من خلالها على اصلاح الشأن الرياضي الذي يتعلّق باللجنة الخماسية والآلية المتّبعة لصرف مستحقات اللجنة الأولمبية واتحاداتها العاملة وموظفيها.
ولو ناقشنا سلسلة التعليمات المنشورة من قبل اللجنة الخماسية التي حضرها الكابتن رعد حمودي رئيس اللجنة الأولمبية بعقلانية وتدقيق لوصلنا الى نتيجة واحدة لا تقبل التأويل هي أن هذه اللوائح لا يمكن تطبيقها بهذه الآلية المعقّدة أبداً ولا يمكن القبول بها وتجرّنا من كون الأولمبية مؤسّسة مدنية مستقلّة الى هيكلية وزارية حكومية مسلّطة عليها أعتى درجات المتابعة والرقابة التي تناسب المؤسسات الإدارية بصميم عملها اليومي المعتاد، وليس العمل الرياضي المرن بوجود الاتحادات الرياضية وبرامجها الداخلية والخارجية المكثفة، وتكون مشكلة التصادم بالوقت والسرعة في الانجاز هي غاية الطلب على حساب العمل والتحضير الفني بما هو مضمون. ولو تتبعنا الفقرة التالية على سبيل المثال (تقوم اللجنة المالية بإجراءات الصرف استناداً لتوصيات لجنة الخبراء ومصادقة اللجنة العليا) فهذه الفقرة على بساطتها تنطوي على اجراءات في غاية التعقيد والمماطلة حيث يتوجب ان يمر طلب الاتحاد المعني بلجنة الخبراء لدراسته وتقييمه ومن ثم يحال الطلب الى اللجنة العليا لغرض المصادقة وبعد المصادقة يعود لأجل التدقيق وفقاً لآلية احتساب جديدة تعمل بها وزارة الشباب والرياضة وتستهلك الكثير من الوقت لا يتناسب والطريقة المتبعة فضلاً عن ان قرار اللجنة العليا سيكون هو الامر الاداري الخاص بالطلب وبذلك ينتفي وجود عمل اللجنة الاولمبية تماماً وهو ما لا يمكن ان يمرر بحساب هوية مؤسسة قائمة اولاً او ان الاجراء وضع اصلاً لعرقلة تنفيذ البرنامج .
قد يتصوّر البعض اننا نستبق الأمور بشيء من الريبة والحذر ولا نؤيد الاجراءات الحكومية التي تهدف الى قف الفساد والتصدّي للمنتفعين ، وهذا ليس بالمنطق وانما على العكس تماما، فكان من الممكن ان تشارك اللجنة بالعمل الطبيعي القائم في تنفيذ البرامج للاتحادات وتقف عند المفاصل التي لا يمكن القبول بها ، وهناك ايضا فقرة اخرى تنص على (تقوم اللجنة العليا بالتعاقد مع الخبراء والمختصين-بالدوام الكامل أو الجزئي- وحسب الضوابط والتعليمات المعمول بها) الحقيقة ان مفهوم التعاقد مع الخبراء سيكون لبّ المشكلة وجوهرها فهؤلاء سيكونون الآمر الناهي في التقييم النهائي وهم بطبيعة الحال من اهل اللعبة ولابد ان يكونوا قد عملوا في الاتحاد بفترة سابقة او على تماس به لذلك ستكون سلطة جديدة تتعاطى بيع ذات المادة بصورة مباشرة جدا ، ولابد للتماس ان ينتج عن صدامات سنسمع صراخها في قلب الليل المقبل من جراء رفض هذه المشاركة وعدم القبول بتلك البطولة.
اننا نطرح سيناريو على الملأ سيحصل وليس بمتوقع الحصول نتيجة خبرة ومعايشة مع الوسط الرياضي وشخوصه العاملة ونتمنى أن تكون هناك مراجعات حقيقية على أرض الواقع من وحي ما هو موجود وليس مفترض الوجود كيما تعود رياضتنا الى وضعها المقبول على أقل تقدير بعيدا عن الروتين المملّ وتداخل الصلاحيات!