علي حسين
أحاول دائماً وأنا أنظر الى القنوات الفضائية وهي تتنقل بين عزة الشابندر، وعلي الأديب، ومن قبلهم محمد الكربولي ومشعان الجبوري، وبينهما "الزعيمة" حنان الفتلاوي، وقبل هذا وذاك تصريحات عالية نصيف التي تتناثر كل يوم في المواقع الإلكترونية، أن أسال نفسي: ترى الى متى يستمر التدفق المنظم لهذه التصريحات المضحكة والمخجلة؟
إذا لم يكن ما يجري مهزلة فكيف تكون المهزلة إذن؟ ماذا يعني أن تطالب حنان الفتلاوي الشعب السعودي بنصب تمثال لها في الرياض لأنها هي من جعلت المرأة السعودية تقود السيارة؟ وماذا يعني ان يتنقل عزة الشابندر من صفقة مشعان الجبوري الى صفقة خميس الخنجر؟ ما دمنا نعرف أن وراء هذه الصفقات ملايين الدولارات تتحول في حساب صاحب السبع لفّات عزة الشابندر.
إذا لم يكن هؤلاء متآمرون على تخلف العراق، فمن هو المتآمر إذن؟ وإذا لم نكن أفضل من الصومال وأفغانستان في البؤس والتخلف، فماذا سوف نحقق إذن؟ ، في وجود نماذج مثل عزة الشابندر وحنان الفتلاوي والتكنوقراط "ابو مازن"، فإن ثمة مؤامرة كبرى تقودها الإمبريالية من أجل أن لا نبني مستشفيات ولا مدارس، هكذا تفتقت عبقرية عزة الشابندر. ويا سيدي القارئ العزيز الذي تعيب على كاتب مثلي اصراره على ان يذكر القراء " بزعاطيط السياسة ، فلا يمكن لكاتب من لحم ودم أن يكتب عن همنغواي وماركيز، ويقرأ أن مسقط ماتزال المدينة التي تحمل رسائل أميركا الى طهران، وتستمع اليها طهران بانتباه.
من بين الكتب التي تستهويني كتاب وضعه كاتب غربي، متآمر أيضاً، عن سلطنة عمان، يخبرنا فيه أن قابوس عندما وصل الى السلطة، كانت البلاد على شفا حريق هائل: ثوار ظفار يرفعون السلاح، أطراف السلطنة تشتعل فيها انتفاضات مسلحة، فقد كان السلطان السابق سعيد يغلق بوابات العاصمة عند غروب الشمس، لا مستشفيات، ولا مدارس، ولا حتى شارع معبّد واحد، ممنوع أن يسمع المواطن إذاعة أو يقرأ جريدة في العلن !
ماذا فعل الابن، جعل قادة ظفار ضمن كبار طاقم الحكم الجديد، وأقام مصالحة مع الجميع، وفتح أبواب السلطنة أمام الرفاهية الاجتماعية. وعلى الرغم من أن عمان تفتقر الى الثروات الكبيرة مثل جيرانها، إلا أن الأمم المتحدة تعتبرها البلد الأفضل عالمياً في مجالي الصحة والتعليم .
سيهزّ القارئ يده حتماً ويقول: يارجل طلبنا منك أن تتحدث عن الكتب، فإذا بك تمتدح السلاطين. ياسيدي اعذر كاتباً مسكيناً مثلي مايزال يتوهّم أن المسؤول الحقيقي هو الذي يعمل من أجل الناس ويمضي عمره في العمل بهدوء، فيما يريد لنا اصحاب الفضائيات ان ننشغل بتمثال حنان الفتلاوي وصندوق عزة الشابندرالأسود.