علي حسين
لا تتوقع عزيزي القارئ من العنوان أعلاه شيئاً يخصّ ما يجرى فى البرلمان من تعطيل للجلسات، لأن السادة النوّاب يفضلون حديث السمر في كافتريا البرلمان على مناقشة قوانين تهم المواطن "المغلوب على أمره" . العنوان هو فقط محاكاة لعنوان مسلسل كويتي يعرض على الشاشات الخليجية بعنوان "حدود الشرّ" يحاول صنّاعه للأسف إعادة تشغيل ماكينات ضخّ الكراهية ضد كل ما هو عراقي. ومن عجبٍ أن حدود الشر يتزامن مع حالة التمدد في حدود الجهل التي تشهدها هذه البلاد، وكان آخرها ظهور النائب عبد الأمير الدبي، وهو يخبرنا أن "الكثير من الوزراء والنواب السابقين ومسؤولين كبار في الدولة استفادوا من الشهادات المزورة"، ولكي يكمل الدبي المسرحية، طالب بإصدار قانون عفو عن جميع المزورين! وأن علينا، حسب قوله، أن :"لا نجعل من الشهادة والتحصيل الدراسي حجر عثرة."
لا تبدو دعوة النائب غريبة في ظل جو سيطرت عليه حالة من "الهمّة" لإعادة بهاء الأعرجي الى الواجهة، والاستعانة بخبرات حسن السنيد، والإصرار على أن سليم الجبوري هو الأحق بمنصب وزير الدفاع، لكن المثير للدهشة في حال بلاد الرافدين هو إصرار الأشقاء الكويتيين على اجترار الماضي وتقليب دفاتر تثير الأسى والشجن للشعبين.. طبعاً لا أحد منا يمكنه أن يصادر حق الكويتيين، ومعهم العراقيين، في أن يستذكروا ماجرى من مظالم ، ويأخذوا العبَر منها في بناء نظام ديمقراطي لا يسمح فيه لفرد، مهما علت منزلته، بأن يتحكم بمصير الناس. لكن ليس من حق أحد أن يحوّل هذا الاستذكار إلى شتيمة لكل العراقيين ، فمثل هذه الأفعال لن تعيد حقاً، ولن ترجع الروح من جديد إلى جسد العلاقة بين الأشقاء.
يدرك صنّاع مسلسل حدود الشر جيداً، أن العراقيين ذاقوا الظلم مضاعفاً حين حاول الجميع تحميلهم وزر احغزو الكويت ، وذاقوا مرارة الصمت العربي حين نكّل صدام بالجميع من شيوعيين إلى قوميين إلى إسلاميين وسط تهليل عربي من المحيط الى الخليج ، وحين رمي نصف مليون عراقي على الحدود الإيرانية لم يستيقظ ضمير أي مسؤول عربي، ولم يبادر المفكرون والمثقفون العرب باستنكار هذه الجريمة، بل العكس، إذ شاهدنا العشرات منهم يهتفون لهذه الخطوة الجريئة!
مسلسل "حدود الشرّ" وقبله برامج وكتابات وتصريحات متشنجة ، أجدها اليوم تثير الخوف في النفوس، الخوف من أن يتحول هذا التاريخ المشترك بين الأشقاء الى لعبة بيد اشخاص لم يبلغوا سن الرشد بعد.
ونعود الى المسلسل الذي لاينتهي الحرب على الفساد ، فمن باب التأكيد هناك حقائق نرى أن يُولي القارئ العزيز انتباهاً لها، وفي مقدمتها أنّ العديد من ملفات الفساد ، يخاف الجميع الاقتراب منها.