اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: العراق، منتَجٌ سياسيٌّ بائس

قناطر: العراق، منتَجٌ سياسيٌّ بائس

نشر في: 1 يونيو, 2019: 12:00 ص

 طالب عبد العزيز

في قراءة بسيطة لمجمل إنتاج العقل العراقي، وخلال نصف قرن، نجد أنَّ رجال السياسة العراقيين في أدنى الدرجات، بموازاة ما أنتجه العلماءُ والمفكرون والمثقفون بعامة. ولعل السنوات الماضية، التي أعقبت سقوط نظام صدام حسين أكبر دليل على ذلك. ففي الوقت الذي صرنا نقرأ أسماء مثل عباس البياتي وحسن السنيد وبهاء الأعرجي وهادي الكفيشي وإبراهيم الجعفري وحنان الفتلاوي ورافع الرافعي والعيساوي والضاري والمئات من سقط متاع الحياة، نسينا جمهرة الأسماء الطاهرة اللامعة في سماء حياتنا وفكرنا وثقافتنا.
وهنا، تصحُّ عبارة: "العملة الزائفة تطرد العملة الحقيقية" إذ، سيكون معيباً على ذائقتنا تذكر أولئك، الذين اتخموا حياتنا بالسوء والنذالة والقبح، ونسيان هؤلاء، الذين أثروها بالعلم والفكر والنبل والجمال، حتى ليقولنَّ أحدُنا، غيرَ نادم، إنه، من السخف أننا عشنا في أزمنة كهذه، تتداول فيها الفضائيات ووسائل الاتصال أسماء النكرات وتغفل أسماء صانعي آيات الجمال، في الداخل والخارج. ففي الامس القريب مات فوزي كريم، الشاعر والناقد والرائي والإنسان، ومثله مات الدكتور فالح عبد الجبار المفكر الكبير، وبعدهما عبد الرزاق الصافي، وأمثالهم العشرات والمئات، الذين نزلوا ليعطروا التراب بأجسادهم، بعد أن منحونا الجمال كله، بعد أن رسموا لنا طريق المباهج من روحهم وجهدهم وعرقهم.
في مجمل ما نقرأ ونطّلع عليه، نجد أن الحضارة الإنسانية، وعبر التاريخ، إنما تتساوق مُجتمعةً، وفي مختلف مجرياتها. والى وقت قريب نجد أنَّ شعوبا كانت محكومة بأشكال مختلفة من السياسات، كألمانيا وروسيا وبريطانيا وفرنسا وأميركا وغيرها، ظلت بذاك التوازن(سياسياً وفكرياً)، فقد أنتجت فرنسا، على سبيل المثال، في فترات مختلفة من سياستها من الأسماء الكبيرة في العلم والفلسفة والفنون ما لو قاربنا بين سياسييها، في اليمين او اليسار، لما وجدنا هوّة عميقة في الاتجاهين، فنحن نتذكر ديغول وميتران وشيراك مثلما نتذكر مارلو وسارتر وفوكو وجينيه ووو. وكذلك سيكون الحال مع ألمانيا وبريطانيا وغيرها.
يا ترى، كيف يمكن لشعب قوي وأصيل مثل الشعب العراقي، أفرز لنا شخصية عبد الجبار عبد الله كعالم كبير في الفيزياء، وكبار الأطباء والمهندسين والمعماريين وأساتذة الجامعات والشعراء والفنانين ولنتذكر(الاقتصادي الكبير ساسون حسقيل وثلاثة آلاف طبيب ممارس في لندن، وجواد سليم، ورفعت الجادرجي، ومحمد مكية، وضياء العزاوي، وبدر شاكر السياب، وفؤاد التكرلي ونزيهة الدليمي ...) ولو شئنا لطالت القائمة، نقول: كيف لنا، كعراقيين أن ننشغل بغيرهم عنهم؟ ولماذا نتداول أسماء أتفه خلق الله، الذين شوهوا حياتنا، وقدمونا كأسوأ شعوب الارض. حريٌّ بنا، أن ننأى عنهم، أن نتركهم يتعفنون في مكاتبهم وفي أقبية أحزابهم، ليس بعيداً عن دورات (الحياة) فأمكنة كهذه هي الأليَق بهم.
هي دعوة خالصة، لكي ننجو بها من جيف الأسماء هذه، ونخلص بأنفسنا الى من أثروا حياتنا باللطف والجمال. وكونوا على يقين، بأنْ لا مقاربة تذكر بين ما أنتجه العقل العراقي من قذارة سياسية وما بين أيدينا من عطر وضوع الأسماء الكبيرة في الفنون والعلوم والإنسانية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram