علي حسين
منذ أن اختفى محمود الحسن، في ظروف غامضة، لاحظت أن الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لم تعد تتعاطى مع النكات التي تخرج من داخل قبة البرلمان، مثل تحوّل عالية نصيف المفاجئ الى راعية للإصلاح، و"تغريدات" حمد الموسوي التي يطالب فيها المواطن العراقي
أن يدعم البرلمان الذي لاينام أعضاؤه الكرام قبل الاطمئنان على أحوال الشعب! أتمنى أن لا يفقد البرلمان ظرفاءه، فيكفيه أنه يفتقد هذه الأيام عباس البياتي، والذي حاول كثيرون، عبثاً، تقليده. وكان آخرهم مثنى السامرائي عندما ألقى على مسامعنا خطبة عصماء عن النزاهة ومحاربة الفساد. هذه هي القضايا الكبرى التي تنشغل بها مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام، وهي، والحمد لله كثيرة، أبرزها ظرفاً خبر قيام النائب الاول لرئيس مجلس النواب حسن الكعبي بـ "كوامة عشائرية" ضد مواطن كتب منتقداً أداءه في البرلمان، وأتمنى طبعاً على السيد نائب رئيس البرلمان أن لا يشملني بقانون "الكوامة العشائرية" فأنا كاتب "على باب الله"، أحاول أن أجد موضوعاً أسدّ به فراغ هذه الزاوية اليومية.. صحيح أنني أمثل مجموعة من "المساكين"، أطلق عليهم سهواً اسم "العراقيين"، يسعون، وأنا منهم بالتأكيد إلى التشويش على العملية الديمقراطية من خلال مطالب أصبحت من المستحيلات، مثل الكهرباء والخدمات والتأمين الصحي، وينفذون أجندات خارجية تمولها الإمبريالية العالمية، هدفها منع نهب المال العام.
كنت أعتقد أن كارثة العراقيين ومأساتهم أكبر ـ أو هكذا يفترض ـ من أية مماحكات ومزايدات سياسية صغيرة بين السادة الزعماء، فليس من المعقول أن ينشغل النائب الأول لرئيس البرلمان بإقرار قانون "الكوامة العشائرية" لمجرد أن مواطناً ينتمي الى نفس فصيله السياسي وجّه انتقادات نشرت في الفيسبوك.
قبل أشهر خرج الوزير الياباني يوشيتاكا ساكورادا، ليعتذر للناس علناً لأنه وصل متأخراً ثلاث دقائق إلى اجتماع برلماني.. هل انتهى الأمر عند هذا الحد.. لا ياسادة.. فقد أجري استطلاع للرأي في إحدى الصحف اليابانية ليحدد هل هذا الوزير بعد "جريمته" الكبرى يصلح للمنصب، فكان الجواب أن 65 بالمئة طالبوا بإقالته.
ولأننا نعيش في بلاد لايُحترم فيها رأي المواطن.. ويسخر ساستها من استطلاعات الرأي، لانها " بدعة صهيونية " تريد النيل من قادتنا الأفاضل، ومع هذا سأطلب من السادة القائمين على البرلمان أن يجيبوا على سؤال يؤرقنا جميعا: من المسؤول عن مثل هذه الأخبار الطريفة والتي تؤكد أن البعض غير مهتم بمقدّرات الناس وحياتهم ومستقبل أبنائهم؟ ومن الذي يدفع باتجاه أن تتحول قبّة البرلمان الى معمل لإنتاج النكات؟
يا جماعة نريد العمل الوطني المخلص.. لأن "كوامة" العشائر لا تبني أوطاناً.