TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: صورة ميركل وأفواج المالكي

العمود الثامن: صورة ميركل وأفواج المالكي

نشر في: 22 يونيو, 2019: 10:25 م

 علي حسين

دائماً ما يواجهني قرّاء أعزّاء بسؤال : لماذا تعود دوماً إلى تجارب الشعوب وتستعير الحِكَم والأمثلة من بطون الكتب؟ البعض من القراء يضيف : هل تتوقع أن ساستنا ومسؤولينا يقرأون؟

وأنهم سيطيلون النظر في سطور مقتبسة من شكسبير او طه حسين او حتى المرحوم علي الوردي؟ 

أنا يا اعزائي ، لا أكتب من أجل الموعظة، بل ضد التخلف، ولست أريد من مسؤولينا الأكارم أن يمضوا أعمارهم في تقليب صفحات تاريخ الأمم للطبري، والتغني بأشعار أبي الطيب المتنبي، كل ما أريده وأتمناه أن أشاهد نائباً يؤنّبه ضميره وهو يقرأ أن هناك نصف مليون عراقي مايزالون يسكنون خيام النازحين، لا أقبل أن يتحسر العراقي وهو يشاهد الممثلة أنجلينا جولي تدمع عيناها وهي تتجول بين خرائب الموصل التي استبدلت العاكوب بالمرعيد، ومايزال أهلها ينتظرون استبدال الخراب بإعمار للمدينة وترميم لنفوس أبنائها. 

أعرف جيداً أن الكثير من القرّاء الأعزاء يجدون في حديثي عمّا يجري في بلدان العالم نوعاً من الترف لا يهم المواطن البسيط المبتلى بأنباء التقشف وغياب الكهرباء ، ولكن اسمحوا للعبد الفقير أن يتحدث عن صورة نشرها الصديق علي بدّاي على صفحته في موقع الفيسبوك للمستشارة الألمانية ميركل وهي تتسوق بمفردها من دون حمايات ولا مصفحات، ولا ضجيج ومعها صورة لعشرات السيارات الحديثة ترافق موكب السيد نوري المالكي . ستقول مثلي ما اعظم المسؤول حين يؤمن انه انسان عادي في زمن يصر فيه المسؤول والسياسي العراقي ان لايخرج الى الشارع إلا وأفواج الحمايات تحيطه من كل جانب، خوفا من نظرات الحسد التي يحملها الناس له .

عام 2010 تساءلت صحيفة الغارديان اللندنية: كيف لبلاد بسمارك وغوته وهلمت كول أن تضع مصيرها بيــد امرأة بدينة بسيطة المظهر؟.. لا تاريخ سياسياً.. لا أناقة.. والأهم لا شيء من ملامح الحزم.. الغارديان التي سخرت من المرأة البدينة عادت بعد سنوات لتعلق على وقوف ميركل الى جانب الأقلية المسلمة في المانيا ، قائلة إن هذه المرأة تدهشنا كل يوم بفعل عظيم. 

أنظر إلى المرأة البدينة وهي تقف وسط السوبر ماركت تتحدث مع البائع، وأنظر إلى ملامح بعض مسؤولينا، وهم ينذرون الناس بالويل والثبور وعظائم الأمور، فأجدهم يفتقدون الرؤية والقدرة على إلهام الناس !

أرجو ألا يظن أحد أنني أحاول أن أعقد مقارنة بين بلاد ميركل وبلاد أصحاب الفخامة، لكنني أحاول القول دوماً، إن لا شيء يحمي الشعوب من آفة الخراب سوى مسؤولين ومعهم رجال دين يعرفون معنى التواضع وينظرون الى العراقي باعتباره شريكا لهم في الوطن ، وليس مجرد نزيل لا يحق له حتى الاحتجاج.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. رامي جبيلي

    انه فساد العقول,يضرب من توقع الصدفة العابثةقلة حظ البلادبجعلهم مسؤولين بلا حسيب ولا رقيب.

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram