TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: .. والأخطر سرّاق

العمود الثامن: .. والأخطر سرّاق

نشر في: 23 يونيو, 2019: 10:30 م

 علي حسين

مدهشٌ هذا الوطن، نادراً ما تجد فيه هذه الأيام مسؤولاً أو سياسياً لا يكذب ، أو يسرق، بل ونادراً ما تجد فيه حزباً أو تنظيماً تواضع ودخل العملية السياسية من أجل الخدمة العامة،

حيث تطغى المنفعة الشخصية فوق كل الخُطب والشعارات ، فهناك اليوم وفرة هائلة من اللصوص والانتهازيين. 

كنت قد قرأت خبراً مثيراً يقول إن لجنة مكافحة الفساد في الصين حققت مع مسؤول كبير أقام حفل زواج "باذخ".. الرجل، الذي وجد نفسه متهماً بخيانة ثقة الشعب، قال لصحيفة بكين نيوز إنه لم يتمكن من إيقاف أسرة العروس من الإنفاق على الحفل ببذخ، مشيراً إلى أن أسرة العروس من رجال الأعمال الأثرياء. 

ظل الغرب يعامل الصين على أنها بلاد متخلّفة غير قادرة على التطور. فيما نجد اليوم أن النسبة الأكبر من المتفوقين في جامعات أميركا هم من تلك البلاد "المتخلّفة" التي كان الغرب يتصور أنها ستغرق في الأفيون، ففاجأته بأن تحولت إلى اقتصادات مزدهرة، فيما مانزال نحن نياماً حيث نجوع ونرفع رايات الطائفية والانتهازية، ونصر على ان نمنح كرسي هيئة الاعلام والاتصالات للزعيمة حنان الفتلاوي !!

ثمة أحداث كثيرة لا نراها في عناوين صحفنا المشغولة بحزب الحلبوسي الجديد، وبصفقات أبي مازن، وتقلبات بهاء الأعرجي، وصراخ مشعان الجبوري . 

خلال العقود الأخيرة، تحوّلت الصين من بيوت بسيطة إلى مدن تضاهي نيويورك وباريس، لقد بدأ العصر الصيني في البزوغ، في الوقت الذي يتراجع فيه العصر الغربي، سيذهل القارئ حين يعرف أن 70% من أشهر الاجهزة الالكترونية تصنع في مدن نائية بالصين. 

عزّز دنغ كسياو بنغ، باني الصين الحديثة، الدعوات إلى حكمة قديمة تقول : "ابحث عن الحقيقة من خلال الوقائع"، في إشارة مقصودة إلى أنه لا توجد خريطة طريق جاهزة للإصلاح والتنمية، وأنه "يتعين على الشعب أن يعبر النهر بنفسه ليتحسس بأقدامه الحصى الموجود في قاع النهر." 

هل يفكر ساستنا بقراءة تجربة الصين، ويسألون أنفسهم عن حجم مسافة التقدم التي قطعتها البلاد في سنوات حكمهم؟ ما هي نسب النموّ والتطوّر والتقدم ومستويات الدخل؟ ما هي المشاريع التي اعتمدتها حكومة المالكي لتنمية قدرات هذا البلد النفطي؟ والأهم ما مقدار الاستقرار الذي تحقق؟ 

كم هي بسيطة هموم العراقيين أن يعرفوا، مثلاً، لماذا موازنات الثماني سنوات في عهد نوري المالكي وصلت الى ألف مليار دولار، وليس في العراق محطات كهرباء متطورة ، فيما تفتقد معظم المدن الى ماء صالح للشرب، لا ضمان اجتماعي وصحي ولا شوارع نظيفة، اليوم تبحث الناس عن دولة غير محكومة بالفساد، المواطن اليوم ينتحب ويكتئب حزناً على ضياع الحلم بأيدي مجموعة من السياسيين محدودي الأفق ومتواضعي القدرة.. والأخطر سرّاق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram