علي حسين
مدهشٌ هذا الوطن، نادراً ما تجد فيه هذه الأيام مسؤولاً أو سياسياً لا يكذب ، أو يسرق، بل ونادراً ما تجد فيه حزباً أو تنظيماً تواضع ودخل العملية السياسية من أجل الخدمة العامة،
حيث تطغى المنفعة الشخصية فوق كل الخُطب والشعارات ، فهناك اليوم وفرة هائلة من اللصوص والانتهازيين.
كنت قد قرأت خبراً مثيراً يقول إن لجنة مكافحة الفساد في الصين حققت مع مسؤول كبير أقام حفل زواج "باذخ".. الرجل، الذي وجد نفسه متهماً بخيانة ثقة الشعب، قال لصحيفة بكين نيوز إنه لم يتمكن من إيقاف أسرة العروس من الإنفاق على الحفل ببذخ، مشيراً إلى أن أسرة العروس من رجال الأعمال الأثرياء.
ظل الغرب يعامل الصين على أنها بلاد متخلّفة غير قادرة على التطور. فيما نجد اليوم أن النسبة الأكبر من المتفوقين في جامعات أميركا هم من تلك البلاد "المتخلّفة" التي كان الغرب يتصور أنها ستغرق في الأفيون، ففاجأته بأن تحولت إلى اقتصادات مزدهرة، فيما مانزال نحن نياماً حيث نجوع ونرفع رايات الطائفية والانتهازية، ونصر على ان نمنح كرسي هيئة الاعلام والاتصالات للزعيمة حنان الفتلاوي !!
ثمة أحداث كثيرة لا نراها في عناوين صحفنا المشغولة بحزب الحلبوسي الجديد، وبصفقات أبي مازن، وتقلبات بهاء الأعرجي، وصراخ مشعان الجبوري .
خلال العقود الأخيرة، تحوّلت الصين من بيوت بسيطة إلى مدن تضاهي نيويورك وباريس، لقد بدأ العصر الصيني في البزوغ، في الوقت الذي يتراجع فيه العصر الغربي، سيذهل القارئ حين يعرف أن 70% من أشهر الاجهزة الالكترونية تصنع في مدن نائية بالصين.
عزّز دنغ كسياو بنغ، باني الصين الحديثة، الدعوات إلى حكمة قديمة تقول : "ابحث عن الحقيقة من خلال الوقائع"، في إشارة مقصودة إلى أنه لا توجد خريطة طريق جاهزة للإصلاح والتنمية، وأنه "يتعين على الشعب أن يعبر النهر بنفسه ليتحسس بأقدامه الحصى الموجود في قاع النهر."
هل يفكر ساستنا بقراءة تجربة الصين، ويسألون أنفسهم عن حجم مسافة التقدم التي قطعتها البلاد في سنوات حكمهم؟ ما هي نسب النموّ والتطوّر والتقدم ومستويات الدخل؟ ما هي المشاريع التي اعتمدتها حكومة المالكي لتنمية قدرات هذا البلد النفطي؟ والأهم ما مقدار الاستقرار الذي تحقق؟
كم هي بسيطة هموم العراقيين أن يعرفوا، مثلاً، لماذا موازنات الثماني سنوات في عهد نوري المالكي وصلت الى ألف مليار دولار، وليس في العراق محطات كهرباء متطورة ، فيما تفتقد معظم المدن الى ماء صالح للشرب، لا ضمان اجتماعي وصحي ولا شوارع نظيفة، اليوم تبحث الناس عن دولة غير محكومة بالفساد، المواطن اليوم ينتحب ويكتئب حزناً على ضياع الحلم بأيدي مجموعة من السياسيين محدودي الأفق ومتواضعي القدرة.. والأخطر سرّاق.