إياد الصالحي
هل اكتفيتم من عرض مهازلكم خارج بيت العراق، أم أن عَرَق الخجل فضحَ بؤسكم وضُعفكم وتوسّلكم باستحياء على طلب النجدة الدولية لتكفّوا عن التعارك حول منافع المواقع؟
لا أعتقد، بل أجزم أن تفرّقكم على طاولة الأجنبي قبل التحاور لهو دليل دامغ على خديعتكم للجمهور العراقي وأنتم تجتمعون صورياً بين أهلكم تعبيراً عن الوحدة المزيفة وأكذوبة المصلحة المشتركة والنوايا المبيّتة لطعن سمعة الدولة.
لم تبرح أسطورة "طرزان" ذاكرة العراقيين في أفلام الكارتون والسينما والمسلسلات العالمية منذ اواسط القرن الماضي، شخصية مغامرة يعشق مخبأه في الغابة ويتقمّص دور سيّدها في كل أزمة تهدّد استقرارها، ويميل الى التحالفات التي تكسبه الثقة لإحاطة نفسه بموالين له زمناً طويلاً قبل أن يقع ضحية الشَّرَك نتيجة كمين مِن صُنعه، لتنتهي حكايته غير مأسوف على مغامراته واستعراضه البطولي طالما أن طمعه بمزيد من الموالين أفقدهُ الصواب ولم ينتبه لسوء مصيره .. بيده!
يبدو أن هناك من يتقمّص هذا الدور محلياً قبل أن يلوذ تحت خيمة دولية تلاعبت بها تقلّبات مناخات الرياضة العراقية حتى كادت في غير مرة أن تمزّق كل ما اتفق عليه تحتها، وتحيل الرياضة الى التجميد بسبب عدم وجود نقاط إلتقاء ثابتة يمكن المضي ما بعدها الى خارطة طريق واضحة تئِد جميع المشكلات داخلياً ولا تستعين بالاستشارة الدولية إلا عند الضرورات القصوى.
حديث وزير الشباب والرياضة د.أحمد رياض بُعيد انتهاء الاجتماع كان واضحاً وصريحاً بخصوص إفهام اللجنة الأولمبية الدولية مبرّرات الإجراءات الحكومية والخروقات المثبّتة على اللجنة الأولمبية الوطنية لاسيما القانونية التي دعت الى شكواه لدى القضاء العراقي ليفصل في قضية الانتخابات، ومن جانب آخر لم يكن حازماً في مسألة وجود شكوك بتدخّل حكومي للتأثير على قناعات الهيئات العامة لبعض الاتحادات بهدف سحب الثقة من مجالس إداراتها المنتخبة، فلم يحتمل الموضوع إجابة وسطية كالتي اختارها ليدعم من ينادي بالإصلاح في لعبته، إما أن يكشف حقيقة تدخلات الوزارة لسحب ثقة هذا الاتحاد وغيره من خلال توصية اللجنة الفنية المسؤولة عن مراقبة وتدقيق المناهج والإقرار بصلاحها وقبولها أية ملاحظة تخدم مصلحة الاتحاد طالما أن "الفنية" منبثقة عن اللجنة الخماسية، أو أن ينفي التدخّل بشكل قاطع دون زيادة لئلاّ تفتح الباب لتكهّنات وشكوك بصلة الوزير في دعم معارضين متضرّرين في الهيئة العامة للاتحاد المعني.
في الجانب الآخر، لا يمكن قبول التعاطي الخجول لرئيس اللجنة الأولمبية رعد حمودي مع مجريات اجتماعات لوزان بالطريقة التي وثقتها تقارير وفيديوهات زملاء واكبوا زيارة الوفد العراقي في مقر الأولمبية الدولية، فأغلب متبنّياته مُكرّرة وسطحية تنشد التوافقات والمشتركات لاتفاقيات ثنائية مع الوزارة يعرف جيداً أنها لن تُنفّذ بسبب وجود اشخاص لم تعد مصلحة الرياضة تهمّهم قيد أنملة بقدر استرجاع صلاحيات مفقودة عقب القرار الحكومي 60 المعدل بـ 140 لسنة 2019، هؤلاء لم تعد تنطلي قفزاتهم هنا وهناك واستقطاب تحالفات تؤلّب الوسطين الإعلامي والشعبي ضد إجراءات الحكومة.
ينبغي أن يكون لشخصية القائد الرياضي القول الفصل في إيقاف حماقة من يشيع أجواء معادية ويبعث برسائل فوضوية وقحة تنال من هيبة الدولة ورموزها، وهذا يكفي لنصدّق أن الأولمبية الوطنية تمتلك حارساً أميناً على سمعتها، ولا يسمح لكل من يرمي حبال المغامرة باسمها ليحرق الأخضر واليابس لتصبح غابة سحيقة للذئاب ولا حياة فيها ولا بشائر نتطلع منها لمستقبل مزهر ولا صوت فيها يُسمع إلا صوت .. طرزان الرياضة!
ليس هناك أنظف من طاولتكم العراقية، ولا يوجد انسان على الأرض أحرص على مصلحة الرياضة سوى أبناء العراق، تعالوا والتقوا واتفقوا وضعوا أيديكم بيد الحكومة بدوافع حسنة وإيثار لا يشوبه سوء النية لتكتبوا القانون وتناولوا حقوقكم المالية بلا ضجيج مفتعل ومارسوا الاختلاف بود بعيداً عن الأحقاد، ففي النهاية كلكم الى زوال وتظل الرياضة ومقاعدها بانتظار من يحميها من الفساد ويخشى على حُرمة الانتماء للبلاد أن يلوكها عار اتهاماتكم المتبادلة على طاولة الأجنبي.