سامي عبد الحميد
يمكن تعريف (الرقص) على أنه حركة مصممة ومنظمة، ويمكن تعريف (الدراما الراقصة) على أنها جنس درامي يحتوي على النص المنطوق وقصة تحكى بواسطة الحركة.
ولعل كلا الرقص والدراما يكونان جزءاً من ثقافة البشرية. وكلاهما يُحدِثان لدى الجموع الغفيرة والمجتمعات والطقوس والأوضاع المسرحية ، تُقدم الرقصات كألعاب وكمسابقات رياضية وكمعالجات نفسانية وفيسيولوجية أو أحداثاً اجتماعية ثقافية وسياسية. ولهذا المدخل علاقة بفن الرقص والدراما الراقصة وهما نوعان من أنواع الفن المسرحي وفنون الأداء بالمعنى الواسع.
لأن الرقص ظاهرة انسانية واسعة الانتشار يصبح من الصعب التعرض بشكل شامل لتاريخه واستخداماته ولذلك سنكتفي بالإستعراض المختصر لهما فمن جهة هناك الرقص الصرف أو الرقص المجرد والذي يحتوي على التتابع الحركي بغض النظر عن وسيلته التعبيرية أو الاتصالية . ومن الجهة الأخرى هناك الدراما الراقصة الهجينة أو عروض المسرح الشامل وهي استعراضات مسرحية تحتوي على الحركة والكلام والأغنية في خدمة السرد الحكائي تقوم به الشخصيات بالأفعال والأقوال ويتدخل الإخراج وعناصر العرض الأخرى في تكوينها كالمناظر والأزياء والملحقات والإضاءة والمؤثرات السمعية والبصرية.
وفي الجانب الآخر هناك ما يسمى الدراما الراقصة أو المسرح الشامل وهو الاستعراض المسرحي الذي يحتوي الحركة والكلام والأغاني لخدمة الحبكة السردية التي تقوم بها الشخصيات بأفعالها وقد يتم توظيف عناصر إخراجية أخرى كالمناظر والأزياء والاكسسوار والإضاءة والمؤثرات السمعية والبصرية وقد تستخدم الأقنعة والدمى والحيوانات وربما العطور . في الشرق أم في الغرب وظِفت المسارح الكلاسيكية العظيمة مثل هذا الجنس المسرحي المختلط كما هو الحال في (الكاثا لمالي) الهندي أم في (اوبرا بكين) الصينية أم في مسرح (نو) و(كابوكي) الياباني . وكذلك الحال في المسرح الأغريقي القديم حيث كان هناك إلى جانب النص الدرامي المنطوق ما تقوم به الجوقة من تعليقات وأعضاؤها يرقصون ويغنون ويقومون بالتمثيل الصامت ويضعون الأقنعة على وجوههم.
وفي العالم الغربي الحديث ظهر ما يسمى (المسرح الموسيقي) أو (الكوميديا الموسيقية) حيث تجمع عروضهما بين النص الدرامي والموسيقى والغناء والرقص وغيرها من فنون الأداء، وقبل ذلك ظهرت (الأوبرا) وهي عروض متخمة تحتوي على جميع العناصر السمعية والمرئية المذكورة سلفاً ولعل (الباليه) هو النموذج الأكثر تركيزاً على الرقص.
وبين الجانبين هناك مزيج آخر من الرقص والكوريرغراف والموسيقى والنص المنطوق والعناصر السردية فان معظم الرقصات في هذا العالم تؤدي مع الموسيقى وعليه هناك عند نهاية الطيف والانتقال من الدراما الراقصة فأن الصنف التالي هو ما يسمى (الرقص الشاعري) ويحمل معاني كبيرة ويقتضي عناصر إخراجية أكثر من الرقص المجرد . ويعكس حياة شخصيات معينة أو مواقف معينة ولكنه لا يتمسك بالسردية الكاملة أو بالصراع الدرامي ومثال على ذلك رقصات الراقصة الأميركية (إيزادورا دانكن) التي جسدت مشاعر انسانية مثل الحزن والفرح.