TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: شرعية الطائفة وشرعية الوطن

العمود الثامن: شرعية الطائفة وشرعية الوطن

نشر في: 2 يوليو, 2019: 09:53 م

 علي حسين

هل شعر الساسة العراقيون بالاستغراب، وهم يجلسون قبالة وزير يرتدي زي طائفة السيخ الهندية، لكنه يتحدث معهم عن آفاق التعاون العسكري بين كندا التي يتولى فيها منصب وزير الدفاع ،

وبين العراق الذي يضع يشترط فيه الساسة ان يكون وزير الدفاع سنيا؟.. 

منذ أيام تدور معركة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام حول وزير الدفاع العراقي الجديد ، بطلها الاصلاحي "حد الكشر" جمال الكربولي الذي انتفض وكتب مغردا ان " الوزير انتماءه لنا لمصادرة منصب هو من حق المكون السني " ، وقد انتقلت المعركة الى الصحف حتى ان نائبا اقسم بأغلظ الايمان ان الوزير سني ، ووالده كان امام مسجد في ديالى! .

كان تولي مهاجرا هنديا اسمه "هارجيت سينغ" منصب وزير الدفاع في كندا قد اثار اعجاب الملايين من الكنديين مواطنين وسياسيين ، رأوا فيه تكريسا لمبدأ التعددية الدينية والعرقية في كندا.

يدرك المواطن جيدا ان السياسي العراقي لا يتذكر سوى نفسه ويضرب حوله سياجا دائريا من الحرس والعيون ولا يترك ثغرة في هذا الجدار الطائفي العازل تدخل منها آراء الناس ومشاكلهم.. ولهذا نجدهم يدفعون الناس في كل يوم نحو وطن لا يحده سوى اليأس والخراب وصراع الطوائف؟ هل يدركون مدى اتساع الهوة بينهم وبين الناس؟.. بين من يملكون كل شيء والذين لم يعد لهم الحلم او حتى الأمل؟.. قال ديغول لوزير ثقافته مالرو :" لا يمكن بناء وطن لا يؤمن اهله به ولا يثقون بغده، أو بغد أبنائهم " .. وهذه الثقة لا يمنحها سوى سياسيين نزهاء وصالحين. 

عندما يقرر البعض أن يبيح لنفسه اللعب على الحبال الطائفية، مرة تجده يهتف باسم سليماني، ومرة اخرى يجلس ذليلا امام اردوغان فأيّ وطنية تتبقى؟ لذلك تتحوّل الوطنية الى نوع من الضحك، لأن كل شيء يتحول إلى عبث وعجز.. وأتمنى ألّا يسخر مني البعض ويقول يا عزيزي صدّعت رؤوسنا بالحديث عن ديغول وتجارب دول الغرب والكتب، بينما نحن نعيش عبثاً من نوع لم يخطر على بال أبرز دعاة مسرح العبث، فعندما يخرج رئيس كتلة سياسية ليتحدث عن طائفة الوزير لا كفاءته، لأنه بحسب قوله "الطائفة هي الشعار الاول" ، كيف سيصدق الناس بكاءه على الديمقراطية عندما يغرد على تويتر: "ان الديمقراطية فشلت في العراق، لانها اعتمدت الحزبية واجهضت الابداع فكانت النتيجة عراقا ضعيفا"؟ 

ولأن منطق الوطنية غائبٌ والعدالة مقتولة ، صار كل شيء معكوسًا، الطائفة اولا ثم الوطن ، فيما السياسي يُمعن في إساءة استخدام مواقع السلطة، لكي يبيع الوطنفي بورصة المناصب . 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram