طالب عبد العزيز
واحد من أسباب تراجع الاقتصاد والاستثمار في العراق، هو سوء أوضاعه الأمنية، إذ حتى اللحظة هذه لا يسير الأجنبي، مستثمراً أو سائحاً،
في شارع ببغداد أو البصرة إلا رفقة حراسه الامنيين، وما تنفقه الدولة على الشركات الأمنية شيء يفوق الخيال، بكل تأكيد، بل وما تخسره من استقلالها وسيادتها بوجود الشركات هذه، يتجاوز حدود الخيال ذاك، وما كانت لتخسر المال والاستقلال والسيادة لو أنها أحكمت قبضتها، لو أنها استعلمت الشرفاء من الرجال في حماية الحدود وضبط أمن الداخل العراقي.
أصبحت صورة رجل الأمن العراقي(جيش وشرطة واستخبارات ووو) في الذاكرة مشوّهة جداً، ولم يسلم من تهم التقصير والخيانة، وانتفت الوطنية- الصفة التي كانت مطلقة في الروح العراقية- عن كبار الضباط في مفاصل متفرقة داخل الأجهزة الأمنية، وصار الحديث عن التقصير والخيانة والعمالة عند بعضهم حديث العائلة والشارع والمقهى، وبذلك فقد المواطن ثقته بالمؤسسة الأمنية كلها، إذ، لم يعد الشرطي في الشارع ضرورة عند المواطن، وصار يخشى على حياته وماله منذ لحظة دخوله أي أي مركز للشرطة. المشكلة انَّ الدولة لم تتمكن بعد من استرداد صورة الوطنية هنا، إنما ظلت تعمل شططاً، خارج السترتيجيات، وهكذا تاهت الحدود، وضاعت فرص التحوّل حتى بات العثور على الشخصية الوطنية في مؤسساتنا الأمنية ضرباً من الخيال، أو مثل محاول إحكام قبضته على سمكة صغيرة في بحر لجيّ.
منذ بداية العمل بمشروع جولات التراخيص النفطية- سيئة الذكر- والشركات الأجنبية العالمة تتخذ من صحراء الرميلة ومجنون وغرب القرنة مقرات لها، بعيداً عن المدينة، وهم أشبه بمجموعة مجذومين معزولة وسط الصحراء، تعيش بعيداً عن الحياة ومتطلباتها، فهم يدخلون المدينة، بعجلات مدرعة، مسرعة ومظللة، ثم يغادرونها بما ملكوا من عجالة، لذا فهم لا يمتلكون أدنى معرفة عن البصرة. وهم مطرودون بفعل فاعل هو خوفهم من الخطف والتسليب والقتل، لعلمهم بأنَّ الدولة عاجزة تماماً عن توفير أدنى درجات الأمن لهم.
استعمالهم لشركات الحماية الخاصة بهم ناتج عن عدم ثقتهم بالشرطي العراقي، وهو أمر يكلف الدولة الكثير من المال، ترى، متى تفكر دولتنا النائمة باستعادة حيادية ووطنية رجل الأمن العراقي، ومتى سيشعر المواطن والمقيم والعامل الأجنبي بأنَّه آمنٌ على حياته وماله؟ لا أحد يعتقد بإمكانية تحقيق ذلك على المدى القريب، في ظل انفلات العشائر مثلاً، ولا يمكننا الوثوق برجل الشرطة مالم نرَ القيود والاغلال محكمة على ايدي العشرات والمئات منهم، ولا يمكننا التطلع الى مستقبل آمن على حياة أولادنا وحدودنا مشرعة للاجنبي، يدخل منها السلاح والمخدرات والأغذية الفاسدة.
نتحدث عن إدراج مدينة بابل ضمن عناية اليونسكو ونحن غير قادرين على تأمين الحماية لسائح أجنبي واحد، نتحدث عن مشاريع عملاقة في الكهرباء والماء والطرق والجسور وقياداتنا الأمنية غير قادرة على سحب آلاف الأطنان من الأسلحة من البيوت والمنظمات والأحزاب. ترى يجرؤ على ولوج غابة البنادق؟ عن أي بلاد نتحدث ؟
جميع التعليقات 2
Anonymous
للاسف واقع في أسوء حالاته
الحجيه البصراويه
نعم صدقت يا استاذنا الموقر للاسف واقع في أسوء حالاته