TOP

جريدة المدى > مقالات رئيس التحرير > عودة إلى الكهرباء بانتظار أولويات الحكومة القادمة..

عودة إلى الكهرباء بانتظار أولويات الحكومة القادمة..

نشر في: 29 يناير, 2006: 06:44 م

 فخري كريم

في عدد سابق، تناولنا مشكلة الكهرباء واستمرار معاناة المواطنين جراء هذه المشكلة. كنا نكتب تحت ضغط الظروف الناجمة عنها ومطالبة الناس بفتح هذا الملف

الذي اخذ الكثير من الجهد ومن المعاناة أيضاً لذلك نعتقد ان تأمل مشكلة الكهرباء يتطلب النظر اليها من اكثر من اتجاه، حتى يمكن ان نصل الى نتائج مفيدة بصددها.قبل كل شيء، لا بد من توضيح ان ما نشرناه في العدد السابق لم يكن يهدف في كل حال من الأحوال الى النيل من جهود وزارة الكهرباء، عبر المخلصين من ملاكها الهندسي والفني والإداري وصولاً الى شخص السيد الوزير الذي نعرف حجم معاناته ورغبته الاكيدة في النهوض بهذا القطاع الذي ورث تراكماً هائلا من التخريب والفساد والإهمال الذي اوصل الكهرباء الى ما وصلت اليه..

ندرك هذا، وندرك أيضا ان الصعوبات والمشكلات تتجاوز هذه التركة الثقيلة وتتعداها الى التأثر سلباً بالأوضاع الجديدة التي اعقبت سقوط النظام، وتفشي التخريب وروح اللامبالاة وفساد الضمائر الناجم عن سوء التربية والاعداد المهني والأخلاقي للبعض ممن لم يستطع التحرر من اخلاق السلطة السابقة.

نقول هذا، ونحن ندرك ايضا ان مشكلة الكهرباء ما عادت مشكلة وزارة او وزير او جهة محددة تستطيع وحدها النهوض بالكهرباء او تتحمل وزر خرابها.

ان العوامل التي تتدخل في اداء الكهرباء تتجاوز حاليا حدود كوادر الكهرباء ووزارتها.

فالظروف الامنية عامل أساس ومؤثر، ليس في امكانية تطوير عمل المنظومة والارتقاء به فحسب وانما في مستوى كفاءتها وانتاجها أيضا، تتدخل هذه الظروف، مثلا في عدم امكانية استقدام خبرات اجنبية ربما تحتاجها البلاد في هذا المجال، كما تتدخل سلباً في امكانية توريد الاجهزة والمعدات اللازمة للتطوير، وتتسبب هذه الظروف ايضا في التعرض الى منظومة الطاقة الكهربائية العاملة من قبل المخربين والإرهابيين، بما يؤدي الى تعطيل المتاح منها واخراجه من دائرة الانتاج او التوزيع اليومي للطاقة. ان هذا العامل الامني المؤثر بشكل اساسي في عمل الكهرباء هو مهمة وطنية كبيرة، تتعدى حدود دائرة معينة او جهاز معين، لتستحيل الى مشكلة تواجه الحكومة والمجتمع على حد سواء. وبالتالي فان تأثيرها على الكهرباء، يخرج مشكلة الكهرباء من حدودها الوزارية الى المجال الذي يجعل منها مشكلة وطنية توجب تضافر جهود الكثير من القطاعات ذات الصلة. ينبغي النظر الى الكهرباء من زاوية اوسع، تجعل من مشكلتها هدفا حكوميا استراتيجياً يلزم الحلول والمعالجات السريعة.

تعاني الكهرباء أيضاً من الأزمة المستفحلة في قطاع النفط، وتتأثر بها. وحصل ان اسهمت مشكلات النفط والطاقة خلال السنوات الماضية في احداث الكثير من التوقفات في انتاج الطاقة الكهربائية، بما اسهم في مضاعفة معاناة الناس التي تنصب بشكل مباشر على الكهرباء.

في ضوء هذا،تتحمل الكهرباء، ليس مشكلاتها الأساسية فحسب، وانما المشكلات الضاربة عميقا في قطاعات أخرى. وهذا تأكيدا آخر على ان المشكلة تتعدى حدود الدائرة الضيقة، وتتجاوزها إلى شأن حكومي عام.

ولكن الحكومة، بنسخها الثلاث من مجلس الحكم حتى حكومة تصريف الأعمال الحالية، بقيت تنظر إلى المشكلة بحدودها التقنية حصراً، ما أسهم في مضاعفة معاناة الناس من أزمة الكهرباء.

نعتقد ان الحكومة الجديدة مطالبة بالنظر في هذه المشكلة الخطرة بكل تداخلاتها وتشابكاتها، ومن ثم فهي مطالبة بوضع الحلول في ضوء هذا التشخيص الأولي، كما هي مطالبة بإعطاء المشكلة الأولوية التي تستحق، خصوصاً ان معاناة الناس بسببها، بلغت حدودها التي لا ينفع معها الصبر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram