TOP

جريدة المدى > مقالات رئيس التحرير > التنازل امام ارادة الأكثرية ليست هزيمة!

التنازل امام ارادة الأكثرية ليست هزيمة!

نشر في: 7 إبريل, 2006: 06:48 م

فخري كريم

بعد سلسلة من اللقاءات الحوارية بين مختلف الكتل والائتلافات البرلمانية، لاشاعة أجواء الثقة فيما بينها، وتضييق مساحة التباينات في الرأي بصدد القضايا العقدية

المرتبطة بالعملية السياسية وآفاقها ووجهة تشكيل الحكومة المنتظرة، يشهد الوضع السياسي تراجعاً خطيراً اتخذ طابع أزمة، تهدد بتعطيل اجراءات تشكيل الحكومة، مالم تتضافر الجهود لمعالجة أسبابها.ولم تكن زيارة رئيس الوزراء المفاجئة الى تركيا، بتوقيتها وجدول عملها وأهدافها، مجرد قشة قصمت ظهر حكومته، التي هي وفقاً للدستور، حكومة تصريف أعمال، وانما هي حلقة في سلسلة متصلة ترتبط بنهج متكامل للحكومة خلال الأشهر الثمانية السابقة، وامتداد لاسلوب عمل رئيسها الذي جاءت زيارته المذكورة لتؤكد إصراره على مواصلة ذات الأسلوب المنافي لقواعد العمل المشترك، والمتسم بالتعالي السياسي والاستخفاف بالقوى الأخرى، كما يقول معارضوه، بما في ذلك الائتلاف الذي يعود اليه الفضل في تسنمه مسؤولية رئاسة الحكومة.

وقبل أن تنفجر الأزمة لتتخذ طابع رفض شبه جماعي من قبل الكتل خارج الائتلاف لقبول ترشيح الجعفري لولاية مديدة ثانية، اتسمت مواقف الكتل المذكورة ومكوناتها، وخصوصاً التحالف الكردستاني بالتردد والمراوحة في اتخاذ موقف صريح ومباشر من هذه المسألة، أملاً في "اتفاق تسوية" لضبط ايقاع الحكومة الجديدة، والزام رئيسها المرشح بضوابط صارمة لاحترام قواعد التشارك والتوافق الحكومي المنشود.

ولم يكن التردد في مثل هذا الموقف على قدرٍ متساوٍ لدى جميع الاطراف ازاء الجعفري وحكومته وامكانية التعايش معه لولاية ثانية.

فقد كان لبعضها موقف تميز يرفض المشاركة في الحكومة في حالة ترؤسها من قبل الجعفري، بل تصاعد حد المطالبة باستقالته حتى من هذه الحكومة، وقد اتضح ذلك بشدة، بعد الاعتداء الآثم على الامامين العسكريين وما تلا ذلك من تجاوزات واعتداءات على المساجد ومقار الاحزاب وتصفيات جسدية متبادلة. وللتخفيف من هذا الطابع لرد الفعل مارست القوى العلمانية، وبشكل خاص التحالف الكردستاني دور التهدئة والدعوة الى البحث عن مشتركات والعودة الى منطق العقل والحكمة والانطلاق من المصالح الوطنية العليا للبلاد لسد الطريق امام الانجرار نحو الهاوية التي يريد الارهابيون والتكفيريون جر الشعب الى اتونها، وتفجير فتنة طائفية مدمرة لا غالب فيها ولا مغلوب، تصب في طاحونة اعداء العراق الديمقراطي الجديد وهو في طور التكوين.

لقد حولت زيارة الجعفري الى تركيا شكوك الاحزاب والقوى المعنية بالتشارك والتوافق في تشكيل الحكومة المرتقبة الى شبه يقين بعدم جدوى العمل على ثنيه عن هذا النهج المتعارض كلياً مع طبيعة ومهام المرحلة الجديدة التي يراد لها ان تسهم بفاعلية في اخراج البلاد من الازمة الخانقة التي تحاصر المواطنين، أمنياً ومعيشياً وسياسياً.

وبات على الجعفري شخصياً، ومن منطلق الحرص على انجاح العملية السياسية والتعجيل بتشكيل الحكومة، ان يبادر بتحقيق نقلة نحو الانفراج، وذلك بوضع نفسه تحت تصرف الائتلاف، والعمل مع زملائه لتقديم بديل عنه يحظى بقبول الاغلبية البرلمانية المعنية بتعيين رئيس الوزراء.

وبذلك يؤكد انه رجل دولة يدرك ان كل الفرص امامه لم تفت بعد، وان السياسة فن الممكنات!

نشر في العدد الثاني من جريدة(SOMA)

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram