علي حسين
لم تخل قضية افتتاح بطولة غرب آسيا في كربلاء، من بعض الفكاهة والمساخر، فاقت بكثير مساخر ما تفعله شرطة الأنبار ،
وهي تطارد الشباب بحجة العفة والفضيلة، وتحاول الوقوف ضد كل من يكتب عن الخراب والإهمال والفشل الذي عانت وتعاني منه محافظة الأنبار سبب ارتداء " البرمودا " !!
من هذه المضحكات المبكيات، البيان الذي أصدره السيد نوري المالكي والذي طالبنا فيه جميعا أن نعود إلى جادة الفضيلة وأن نتقي الله، فالمالكي غضب من استعراض رياضي فني، اعتقد القائمون عليه أنهم يشاركون ضمن فعاليات بطولة رياضية ، بينما يريد لهم رئيس الوقف الشيعي أن يساهموا في مهرجان لنشر قيم الفضيلة والأخلاق التي ضاعت من هذا الشعب بسبب فتاة أصرت على أن تعزف النشيد الوطني العراقي.
وقبل أن ندخل في تفاصيل مشهد عزف النشيد الوطني، تعالوا أيها السادة نتحاسب على الأخلاق والفضيلة، فلا تزال وسائل الإعلام تتحدث عن مئات المليارات التي صرفت في زمن السيد نوري المالكي على مشاريع وهمية، وأن كلفة هذه المشاريع بلغت ما يقارب الـ 120 مليار دولار، لا يعرف أحد حتى هذه اللحظة بجيوب من دخلت وعششت، وأن هناك مليارات أخرى كان مقررا لها أن تصرف على إدامة البنى التحتية للبلاد من مستشفيات ومدارس ومشاريع صناعية وزراعية، لكنها أنفقت على مجموعة من المقربين، ولكننا بدلا من أن نسمع أصواتاً تدين هذا الإصرار على سرقة المال العام في وضح النهار، فقد خرج علينا من ملأ الأجواء بكاءً على إهدار الأخلاق وضياع الحشمة وانتشار الرذيلة، ووجّه برقيات تحذير إلى اتحاد كرة القدم لأنه يستورد فرقاً تعزف موسيقى وطنية وهو شكل من أشكال المجون، هكذا وجدنا رئيس الوقف الشيعي يصرخ ويفتح مزاد الفضيلة ويتنافس على شتم الموسيقى وتحريمها.
للأسف أن البعض لا يملك مشروعا سياسيا واقتصاديا أو ثقافيا يناسب اللحظة التي نعيشها بمفاهيم الحياة الآن، وليس بمفاهيم القرن الرابع الهجري.. ولهذا نجدهم يُغطون على الخراب والفساد الذي ينخر جسد العراق بمعارك وخطب عن عازفة سافرة لا تريد أن تعرف أننا نعيش عصر فيلم "الرسالة" وأن مهمة مسؤولينا ليست توفير الخدمات والأمن للناس، وإنما تحشيد الجيوش لفتح بلاد الكفار ونشر نظرية علاء الموسوي في كيف تصبح مليارديرا في أربع سنوات وأننا أصحاب رسالة تؤمن بأن الخلاص من كل المشاكل يتلخص في العودة إلى قرون مضت.. وإعادة انتاج المجتمع في ضوء حكايات وأخبار خرافية..
غير أن السؤال الذي يطرح في كل معركة مصحكة : لماذا يتحدث المسؤولون عندما يكون الصمت فضيلة، ولماذا يصمتون عندما يكون السكوت جريمة ، ولماذا إذا تحدثوا يصرون على تقديم مشهد كوميدي .