رعد العراقي
ربما يتفق الجميع على أن بطولة اتحاد غرب آسيا أقرب الى أن تكون بروفة (اختبارية) بالنظر لموعد وتوقيت إقامتها،
فهناك ما هو مشترك من طموح تسعى إليه جميع الدول المشاركة في تأكيد جدارتها لخطف لقب البطولة وكذلك في توظيفها كأفضل إعداد أولي قبل انطلاق منافسات تصفيات آسيا المزدوجة المؤهلة الى نهائيات كأس العالم قطر 2022 وكأس آسيا 2023.
لكن تبقى هناك خصوصية ينفرد بها الجانب العراقي كمنظومة إدارية رسمية وفنية وجماهير متعطشة لاختبار الشعور بقيمة مساندة المنتخب من خلال تأكيد قدرته على أن تكون أحد العوامل الحاسمة في تأهيل الأسود الى كأس العالم القادمة بعد أن فرض الحظر منذ سنوات طويلة حالة حرمان المنتخب الوطني من اللعب على أرضه وبين جماهيره فرصة استفاد منها الخصوم في الابتعاد عن جحيم ورعب أصوات الجمهور العراقي.
ميزة اللعب على أرض الوطن لابد أن تكون حافزاً وبنفس الوقت مسؤولية لاتحاد الكرة والكادر التدريبي واللاعبين لاستثمارها بعد أن تحمل سلفهم مشقّة الترحال بين ملاعب آسيا وهم يمنّون النفس بجرعة نفسية تمنحهم الثقة والاطمئنان وتربك خصومهم لتزيد من حظوظهم لانتزاع بطاقة التأهل لنهائيات كأس العالم ، لكن تلك الأماني كانت كالسراب وأصبح التحدّي بديلاً لها في خوض جميع مبارياتهم في التصفيات المونديالية إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل ، ولم ينج منها إلا منتخب 1986 الذي سجل سابقة فريدة بالعالم حين خاض جميع مبارياته خارج الديار ونجح بالتأهل لكأس العالم في المكسيك.
وحين نتحدث عن ضرورة استثمار تلك الفرصة لا نعني بها رفع شعارات خاوية وتحفيز بلا أدوات فاعلة، بل نستهدف تحرير الفكر والعزيمة والطموح من قيود الروتين والذهاب به نحو التخطيط العلمي المدروس والذكاء في تطويع كل الظروف والتجهيز المبني على دراسة القدرات ابتداءً من ضبط المنظومة القيادية للمنتخب بالاختيار الدقيق لها دون مجاملة أو مجازفة ومن ثم الإعداد الصحيح الذي يؤمّن التصاعد بالأداء واكتساب الثقة بالنفس.
لكن الأمر لا يبدو كذلك مع الأسف مع أول مباراتين خاضهما أسود الرافدين أمام منتخبي لبنان وفلسطين حيث نرفع لهم القبعة على أدائهم وانضباطهم في الميدان بغض النظر عن نتيجة اللقاءين التي انتهت بتحقيق الفوز بشقّ الأنفس ، فالأداء ظهر باهتاً دون أي لمسات فنية أو تكتيك واضح، وأعتمد على اجتهادات اللاعبين ومحاولة إثبات وجودهم لانتزاع رضا كاتانيتش الذي كان هو الآخر بعيداً عن دائرة التأثير ولم يظهر لديه جانب من التميّز في تأكيد قدرته على إدارة المباراة سوى الاهتمام ببعض الانفعالات أمام عدسات الكاميرات!
نصيحة عاجلة نقدمها لطرفي القيادة أولهما اتحاد الكرة الذي عليه أن يدرك جيداً أن حساباته ستكون خاطئة وكارثية هذه المرّة لو اعتقد أن محاولة الفوز ببعض المباريات أو حتى بكأس البطولة ستكون مقياساً دقيقاً يؤمّن له الطريق نحو التأهل لكأس العالم ويستر عيوب الأداء الفني الذي لازال بعيداً عن الصمود أمام منتخبات آسيا بمختلف مستوياتها برغم أن المنتخب المشارك يضم أغلب العناصر الرئيسة وخيرة لاعبي الدوري.
أما الطرف الآخر فهو المدرب كاتانيتش الذي تسلّم المهمة منذ سنة تقريباً ولم يغادر حديث البحث والتجريب، بينما غاب عنه التأكيد على مفردة الاستقرار والثبات على التشكيلة المثالية وهو ما ينذر بعواقب وخيمة ربما لا يدرك خطورتها وتأثيرها النفسي على جماهيرنا التي تنتظر فرحة التواجد في كأس العالم القادمة بعد غياب 33 سنة.
نقول لا مكان لفلسفة المجازفة والركون للحظ، فإما أن يعيد رئيس الاتحاد ومعه كاتانيتش حساباتهما سريعاً ويقفا عند حدود امكانياتهما الفعلية في التصدّي لمهمة التأهل لكأس العالم2022، وإما أن يحملا حقائبهما نحو أربيل وسلوفينيا ويتركا المسؤولية لمن هو أهلٌ لها.