اياد الصالحي
بعيداً عن ردود الافعال المتشنّجة التي أصبحت ديدن عديد المتابعين لأزمات الكرة العراقية، وخاصة بعض العاملين في البرامج التلفازية،
ومَن ينسج على منوالهم عند استضافتهم ممّن أوهموا أنفسهم بقدرتهم في التأثير على الشارع الرياضي عبر تأجيج مشاعر الجماهير سلبياً، وتقزيم مسؤولي الأزمات، وإشاعة أجواء محتقنة مع أبناء جلدتهم أو الاشقاء العرب دون أي قدر من التعقل والحكمة، بعيداً عن كل هؤلاء، فإن الحديث القيّم بتوقيته ومضمونه الذي أدلى بها سلمان بن إبراهيم رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم للمدى أمس الأربعاء كشف عن سوء إدارة الكرة العراقية بوجود الاتحاد الحالي الذي ورّط بلدنا في مشاكل عدة حتى أصبح زبوناً دائماً عند بوابة محكمة كاس الدولية.
أية سذاجة هذه، أن يُبرّرَ إخفاء خطاب الاتحاد الدولي لكرة القدم منذ 26 تموز الماضي الخاص بمطالبة العراق تسمية ملعب مفترض محايد للعب في تصفيات كأس العالم 2022 لانهماك الاتحاد بشؤون بطولة غرب آسيا التاسعة، ولم يُكشف الخطاب للإعلام إلا في الخامس من آب الحالي بعد تسريبه في مواقع التواصل الاجتماعي، وبعده يخرج رئيس الاتحاد عبدالخالق مسعود أمام المشاهدين (مكسور الخاطر) وكأنه صُدم تواً ويعجز عن إفاقة نفسه، متناسياً أنه نائب رئيس لجنة المسابقات في الاتحاد الآسيوي ويفترض أن يُحاط علماً بأية قضية، فما باله وبلده يُهدد بعدم اللعب على أرضه بعد عام وخمسة أشهر من قرار الفيفا برفع الحظر الجزئي عن ملاعبه.
اللف والدوران لن يصلا بكرتنا الى مبتغاها في ظل الهجمة العشوائية التي يمارسها البعض لتمزيق العلاقات العربية والدولية، منتهزة ضعف اتحادها لتصفية حسابات شخصية مقيتة امتطت الحرص على سمعة العراق، والحقيقة غير ذلك، بدليل إننا لم نزل نسيّر شؤوننا بالفزعة ونطالب الآخرين بانصافنا، بينما بقية الدول المحترفة وبعض العربية منها تعمل بأصول إدارة الأزمات قانونياً لكسب حقوقها بعيداً عن سياسة التهديد والتخوين التي أوقعت رئيس الاتحاد في مصيدة الانفعال بإعلانه الاستقالة من الاتحاد الآسيوي إذا تأكد أن رئيسه يقف وراء معاودة فرض الحظر على العراق.
الملفت للانتباه أن وزير الشباب والرياضة د.أحمد رياض ممثل المؤسسة الحكومية في قطاع الرياضة لخّص تحرّكه في منشور على صفحته الرسمية (الفيسبوك) أمس الأول الثلاثاء، بأنه طلب من الاتحاد الدولي لكرة القدم تزويده بوثيقة رسمية تؤيد رفع الحظر عن ملاعب البصرة وكربلاء وأربيل، ولم يسأل الاتحاد المحلي عن سرّ إخفاء خطاب الفيفا ذي الدرجة الكبيرة من الخطورة عن الحكومة ومستشارها الرياضي وعنه نفسه لمدة تسعة أيام طالما أن المضمون خرج عن إطار الاتحاد وأشكل على عدم استقرار ظروف العراق الأمنية.
إن رفع الحظر الجزئي لا يعني إهمال تقييم المخاطر التي يرى مجلس الفيفا عبر تقارير منظمات دولية وإقليمية بأن الوضع العراقي تدهور ولم يتحسّن، فمسألة إقتحام القنصلية الإيرانية في البصرة يوم 7 أيلول 2018 وسفارة البحرين في بغداد يوم 27حزيران 2019 وتوعّد الحكومة العراقية بإجراءات رادعة تنهي أعمال التخريب المخالفة لحصانة البعثات الدبلوماسية، كل ذلك يجري خلال فترة التقييم الدولي ما بعد صدور قرار الفيفا في 16 آذار 2018 والذي أكد خطابه الأخير إنه لن يسمح بإجراء مباريات رسمية ضمن بطولاته دون تقييم المخاطر المحيطة بها.
أما الخطأ الفادح الذي ينطبق عليه القول (أنا بيدي جرحت إيدي) هو الخطاب الرسمي الذي أرسله اتحاد الكرة إلى الاتحاد الآسيوي وأدان نفسه به، مؤكداً عدم القدرة على توفير الأمن في مباراة النصر السعودي وذوب آهن الإيراني ضمن الجولة السادسة والأخيرة من منافسات المجموعة الأولى في دوري أبطال آسيا يوم 21 أيار الماضي والتي تم نقلها الى الدوحة بعد ثمانية أيام، ومع أن الطلب العراقي حُرّر بتنسيق حكومي، فإنه عُدّ تقريراً محبطاً خرق بموجبه تعهّد الحكومة ممثلاً بوزير الرياضة السابق عبدالحسين عبطان ورئيس الاتحاد الحالي لرئيس الفيفا جياني إنفانتينو في اجتماع سويسرا يوم 30 تشرين الثاني عام 2016 على توفير الأمن والسلامة في المباريات، ومثل هذا التعهد استوجب حذر الاتحاد من أي نشاط يؤدّي إلى ضرر بملف الحظر، وكان يفترض أن يعتذر عن تضييف مباراة الفريق الإيراني مع نظيره السعودي تفادياً لأي طارئ يعبث بحساسية العلاقة بين بلديهما على ملعب كربلاء يُجبرنا على تقصير أنفسنا أمام الاتحادين الدولي والآسيوي.
نقطة واحدة تتمّم معنى كلمتي الحظر والخطر، ولنحرص على إبعادهما عملياً، فلا جدوى من المضي إلى محكمة كأس التي اصبحت تجارة مربحة للبعض، وليتهم يفلحون بكسب حقوقنا الضائعة كل مرّة، والأسلم لنا الإصغاء إلى مشورة النائب الأول لرئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم سلمان بن إبراهيم كون صفته هنا أكثر مسؤولية وحيادية عندما أشار الى مواجهة حجّة الفيفا بالاقناع ميدانياً وبذل الجهود لانجاح بطولة غرب آسيا كونها معياراً اساسياً للدلالة على سلامة العراق أمنياً بشهادات الوفود الثمانية.