إياد الصالحي
الفرحة لم تتم.. ذلك ما يتأسّى به العراقيون اليوم بعد النجاح الباهر في تنظيم بطولة غرب آسيا التاسعة التي توّج بها المنتخب البحريني الشقيق
ليعود الى المنامة بأول كأس في تاريخ مشاركاته، بينما تحدثت اوساط مقرّبة من اتحاد كرة القدم عن نيته الاستغناء عن المدرب السلوفيني ستريشكو كاتانيتش حال تلقيه اليوم التقرير الفني من لجنة المنتخبات واضعاً النهاية لحكاية عدم استقرار الأسود مع المدرب برغم ضيق الوقت الفاصل عن أول لقاء مع البحرين في مشوار تصفيات المونديال يوم 5 أيلول المقبل.
رئيس الاتحاد عبد الخالق مسعود كان قد أوضح في كانون الأول 2018 أهم فقرة في العقد مع المدرب أنه لو تم فسخ التعاقد في شهر آب 2019 أي قبل شهر واحد من انتهاء السنة الأولى، فذلك لا يلزمنا سوى دفع راتبه لشهر واحد وتنتهي العلاقة بين الطرفين، ولن يكون هناك أي شرط جزائي لصالح المدرب، وهي نقطة مهمة دحضتْ مخاوف المحلّلين والمتابعين من تبعات التخلّي عن المدرب.
بعد انتهاء السنة الأولى، من الضروري مراجعة النتائج وتقييمها مع عطاء تحضير كاتانيتش للاعبين واسلوب إدارته للمنتخب الوطني خلال 18 مباراة تحمّل مسؤولية القيادة فيها ما بين ودية ورسمية، حقق الفوز ( 9 ) مرات، وتعادل في ( 5 ) وخسر ( 4 ) مباريات منذ مباراة الكويت الودية في 10 أيلول 2018 الى مباراة البحرين الرسمية في 14 آب 2019.
لكن مهلاً.. ليست المرّة الأولى التي يتهرّب المكتب التنفيذي لاتحاد كرة القدم من مسؤولية تقهقر مستوى المنتخب الوطني في مباراة ودية أو بطولة رسمية، والشواهد كثيرة أقربها الهزيمة المدوّية أمام اليابان ودياً 2015 وتصفيات كأس العالم 2018 وكأس الخليج 2017 وكأس آسيا 2019، وجميعها مع مناسبات أخرى لم تشعر رئيس وأعضاء الاتحاد بقليل من الخجل أمام سمعة العراق، هم يراهنون دائماً على مضي 72 ساعة فقط من اشتعال مواقع التواصل الاجتماعي بكلمات الغضب وإنزعاج وإحباط ملايين العراقيين لتتم الإطاحة بالمدرب المواطن أو الغريب كضحية أولى وتنجلي خطورة تهديد مقاعدهم كونها آخر ما يُفرَّط بها بعد خسارتهم الثقة والسمعة والشعور بالمسؤولية والقيمة الاعتبارية كمؤتمنين على اللعبة، كل ذلك لا يهم عندهم للأسف!!
لستُ مع من يلقي باللوم على الأندية الجماهيرية تحديداً في هذه المرحلة التي يشهدها منتخبنا الوطني، فالحلول بحاجة الى عقول تعالج المريض ليكتسب الشفاء وينهض لا أن تشغله بمسبّبات مرضه وتزيد من أوجاعه، نعم الجيل الحالي يعاني وهناً في الأداء، وليس كل مرّة تسلم الجرّة، هذا واقع حال اللاعب العراقي بمن فيهم المحترفين، فقد جرّب راضي شنيشل وخلفه باسم قاسم وغيرهما عديد اللاعبين لم يكن جلّهم في برج سعده وأحياناً يتفوّق اللاعب المحلي على المحترف حسب ظروف التحضير وقدرات المنافس وأهمية الاستحقاق، والمدرب الوطني يعرف لغة الانسجام بين ميمي وميرام مثلاً ولن يتردّد في الاعتماد على قدرات علاء عبد الزهرة إذا ما وجد الحاجة الماسة له للمشاركة في الدقيقة 75 ليحسم المباراة بخبرته، والأهم أن يتآلف الملاك الفني مع اللاعبين لتحقيق الهدف.
صراحة أن اجتماع الاثنين 19 آب 2019 ليس بالمفصلي للحُكم على استمرار كاتانيتش من عدمه وفقاً لتقرير لجنة المنتخبات، الصحيح والذي يجب أن يتمخّض عن الاجتماع التأريخي هو تحمّل رئيس واعضاء الاتحاد مسؤولية قراري الإبقاء عليه أو مغادرته وليس أحدهما، وذلك بإعلان بيان شرف المواطنة بإقرار مصير استمرار المكتب التنفيذي من عدمه في ضوء تأهل العراق الى مونديال قطر 2022 أو فشله للمرة التاسعة منذ مونديال 86، وهذا وحده يكفي لإنهاء الجدل، وليستمر الاتحاد في عمله دون ضغط أو تهديد جماهيري، ولم يعد ممكناً اللعب على الحبلين، وآن الأوان للثواب والعقاب، ومثلما تكفل المواطنة الانتساب للبلد ونيل الحقوق فهناك إلتزامات تفرض عليك يتوجّب تأديتها ومنها إخلاء المسؤولية بالاستقالة وفسح المجال لآخرين يواصلون المهمة بنجاح.
لماذا الاتحاد نفسه من يدفع ثمن الاخفاق المونديالي أو يقبض مكافأة الدولة بتأهل العراق الى البطولة الأولى عالمياً؟ إن مدة العشرين يوماً التي تفصلنا عن إنطلاق مباراة البحرين في المنامة ليست بالقيمة الأحرج فنياً في حال تم استبدال كاتانيتش بمدرب وطني على اعتبار أن أي مدرب أجنبي من الدرجة الثالثة لن يقبل تحمّل المسؤولية خلال هذه الفترة، وفي الوقت نفسه لا يمكن لكاتانيتش – في حال استمراره - أن يفتّش عن السحر لإنقاذ الأسود حتى لو جاء به من أوكار "شياطين أفريقيا" العُتاة ، فغيابه المستمر والمتقطّع خلال الفترة ( 5 أيلول 2018 – 1 آب 2019) أفقدته روحية التواصل مع اللاعبين، وبالتالي ليس غريباً أن يظلّ يجرّب (س) ويراهن على (ص) دون جدوى، فنتيجة نهائي غرب آسيا ستطارده وتشوّش فكره في مستهل الامتحان الأصعب، ونقاط البحرين تساوي ( 6 ) في معادلة الثقة والتحفيز للمنتخبين!
الخسارة الكبرى إذا ما دخل كاتانيتش ملعب المنامة يوم 5 أيلول المقبل، أي استمراره لعامٍ ثانٍ مع الاتحاد وتهيئة استحقاقه البالغ (مليون و200 الف دولار) هل يصبر الاتحاد والإعلام والجمهور على أية خسائر موجعة تهدّد فرصة الانتقال الى المرحلة الثالثة من التصفيات؟ مَنْ يتحمّل صدمة ضياع الأموال وأمل المونديال؟