إياد الصالحي
ببزوغ شمس اليوم الأحد، تكون مهمتنا قد أنتهت، ساعات قليلة ونودّع عاصمة السياحة الخلاّبة والتنوّع البيئي وملتقى الثقافات العريقة "كوالالمبور"
عائدين بشوق إلى بغدادنا الأجمل والأعرق مهما أعياها الصبر على جراح الزمان برغم كمد قلبها المغيار على حبنا، وبهاء وجهها الآسر لأصالة التاريخ، بغداد لم نرَ خيراً مثل خيرها ولا طمـأنة كحضنها، وقطرة من نهرها تروي العَطَاشى سنيناً.
نعم المهمّة أنتهت، ولكن يبقى أصداء الأسئلة تقرع الرؤوس الفارغة: لماذا أحترب العرب فيما بينهم على وقع أجندة الكونغرس 22 بماليزيا؟ هل لجأوا الى المساومة على ملف الكويت نظير تنازلهم لمصلحة كوريا الجنوبية؟ كيف نسرح بأحلامنا نحو مستقبل الصحافة الرياضية في آسيا إذا كان كرسي رئيسها يُعيّن بتوافق مُسبق دون الحاجة الى ديمقراطية الناخبين؟!
هكذا صوّر أعداء النجاح ومُريدو الفشل لـ "كتيبة 2017 " التي نالت ثقة الجمعية العمومية في كونغرس "إسلام آباد" بباكستان كمدافعين عن حقوق الصحفيين الرياضيين، ولم يأبهوا وسيكملون سنتهم الثانية في 6 تشرين الأول المقبل برغبة كبيرة على إنجاز جدول الأعمال وتحقيق أقصى الطموحات للزملاء في القارة مثلما شهد كونغرس كوالالمبور حسم ملفي فلسطين واليمن اللذين جمّدهما الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية الى حين إتخاذ الإجراءات القانونية باشراف الاتحاد الآسيوي ليستأنفا بعدها نشاطهما ضمن الجمعية العمومية القارية.
ثمّة حقيقة موجعة لم تزل تثير الاحباط كلما تجمّع العرب حول أمر ما غالباً ما تتحكم في قراراتهم إرادة العاطفة وليس قوة العقل، فكونغرس ماليزيا لم يكن امتحاناً للمفاضلة بين الكويت كبلد عربي يمثلنا ويشرّفنا كأمّة ننتمي إليها وتهمّنا مصلحتها أينما تكون، وبين كوريا الجنوبية كبلد صديق يمتلك كل مقوّمات التنافس المهني لتضييف الكونغرس، بل كان اختباراً حقيقياً لعهد العربي إذا ما أصدق أو أخلف، وذلك يرتبط بإلتزام مسبق بين الكويتي سطام السهلي والكوري الجنوبي هي دونج في العاصمة القطرية الدوحة عام 2017 مفاده أن يخلفَ السهلي زميله البحريني محمد قاسم بعد تقديمه الاستقالة من منصبه كرئيس للاتحاد على خلفية تقرير لجنة التحقيق الخماسية التي شكّلت بقرار من الجمعية العمومية في شباط العام نفسه، في حين يتولّى الكوري هي دونج رئاسة الاتحاد بأعقاب الكونغرس 24 المؤمل إقامته في سيئول كانون الثاني 2021.
وللتأريخ نوثّق هنا، لم يعارض أي ممثل عربي في كونغرس ماليزيا تضييف الكويت الكونغرس23 في آب 2020 وتم استطلاع آراء أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد سواء داخل أم خارج الاجتماع الرسمي مساء السادس والعشرين من آب الماضي، وكانت هناك وجهات نظر أن لا تشهد الكويت انتخابات الدورة المقبلة ويترك أمرها لبلد الرئيس دونج، وحصل توافق كبير في الطرح لم أشأ شخصياً أن يُحسم عبر مفاوضات ووساطات ولقاءات صوّر بعض المغرضين الفاشلين والناقمين على التنفيذي الحالي - من غير المتواجدين في ماليزيا- لممثلي الدول المشاركة أن العرب تفرّقوا ولم يجتمعوا على خيار الكويت! هذا تصوّر واهم يفتقد للنزاهة والمسؤولية، أجمعنا على ملف الكويت كاستحقاق لطلب سطام السهلي وقلتُ في كلمتي أمام جميع الاعضاء عندما حان دوري في مناقشة الملفين "أخي الرئيس، إذا كانت ثقتك كبيرة للفوز بتجديد الولاية فلن يُعجزك إقامة الكونغرس خارج بلدك عن تحقيق طموحك، ليكن آب 2020 فرصة مثالية لتكريمك قبل أربعة أشهر من نهاية الدورة الناجحة وفقاً لظروف تسلمّك الموقع وخواء ميزانية الاتحاد من أي دعم، وهذا منجز كبير لك، ونسعد جميعاً للاحتفاء على أرض الكويت" .. فهزّ رأسه موافقاً ومعتزاً أيما أعتزاز بموقف العراق.
دعوة صادقة لأسرة الصحافة الرياضية العربية: لدينا ما يكفي من آلام السياسة والاقتصاد والمجتمع والحروب الظاهرة والخفية ، ولم نزل ندفع فواتير الحمقى في كل مكان من حياتنا لنواصل الدفاع عن حريتنا أقوياء بفكرنا ومؤثرين برصاص القلم، ولا بأس أن يواصل البعض السباحة مع التيار في ظروف معينة، لكن المهم أن يصمد الجميع كالصخور احتراماً للمبدأ وعدم الحياد عنه.