علي حسين
علي الوردي عاش ومات وهو ينتمي إلى فكر وثقافة مضادة لاثنين، وعاظ السلاطين وشيوخ الطائفية.. كلاهما كان وراء مصادرة ومحاربة مؤلفاته.
شخصيًّا، أنا معجب بكتاب "وعاظ السلاطين" من بين جميع كتب الوردي، لأني أجد فيه حكايتنا جميعا مع مندوبي الطائفية الذين يعتقدون أن الحــلَّ في أزمات البلد هو تحويل الشعب إلى قبائل، كل منها تبحث عن مظلوميتها.. المهم أن يجد الشيعي خلاصه في مطاردة السُنّي، وأن يرى السُنّي سعادته في تحقير الشيعي وشتمه والانتقاص منه.. هذه هي العقلية التي ترفض أن نتساوى جميعا في المواطنة.. عقلية تعادي ما ليس يشبهها.. ولا تجـد للآخر سوى طريقين، إما الرحيل أو القتل.. ثارات لا نهـاية لها.
أراد الوردي أن يفجر أسئلة كثيرة حول الثقافة والسياسة والمجتمع والطائفة والدين.. وكما تحدث لابتسام عبد الله في برنامجها الشهير "سيرة وذكريات" الذي كان يقدم في الثمانينيات: "وجدت نفسي من جديد أدور في فلك أسئلة حول التاريخ وتأثيره على المجتمع.. وكانت كل الأفكار المسيطرة عليّ فى ذلك الوقت تميل ناحية مناقشة تأثير خرافات الطائفية على المجتمع العراقي، فجاءت فكرة كتابة "وعاظ السلاطين"، ليكون بمثابة تكملة لما بدأته في مهزلة العقل البشري".
أنا من جانبي أصاب بحيرة كلما أقرأ كتب علي الوردي، لكنها لم تصل إلى حد حيرتي وأنا أسمع النائبة عالية نصيف حين تقول "أنا سياسية مخضرمة"، ولهذا تذكرت المرحوم حسين جميل السياسي والحقوقي والنائب المعارض في العهد الملكي والوزير في العهد الجمهوري وهو يكتب في مذكراته "شهادة سياسية" أنه طوال مسيرته كان يدرك أنه لم يصل بعد إلى عمق السياسة، فهو لا يزال عند شواطئها، ايها السادة علينا ان نضرب كفا بكف كلما شاهدنا سحنة واحد من "زعاطيط السياسة" وهو يتبختر ويتحذلق بكلمات ربما لا يفهمها هو نفسه ، وكان آخر هذه التحذلقات ما صرحته به "الزعيمة" حنان الفتلاوي من أن المدنيين في العراق فاشلون ولم يقدموا شيئا للعراق وانهم سبب المشاكل التي يمر بها العراق ، ولم تكتف بذلك بل اقسمت باغلظ الايمان انها تمثل نموذج المدني الحقيقي ، وضحكت لأنني تذكرت الفتلاوي عندما خرجت عام 2011 بعد تظاهرات ساحة التحرير لتقول إن المتظاهرين لصوص ويريدون سرقة المحال التجارية.
وأنا استمع لفذلكات حنان الفتلاوي تذكرت مشهد من فيلم "احنه بتوع الأتوبيس" حيث يقول الضابط للمشتبه به عادل إمام "إنت شيوعي ياوله؟" فيجيب: أنا من بتوع الأوتوبيس يافندم"، نحن ياسادة أيضا مثلكم من ركاب هذا " الأتوبيس" الذي يسمى العراق، والذي يتصارع فيه الجميع على خطف كرسي السائق، حتى وإن كان البعض منهم لم يدخل دورة "تعلم السياقة".
جميع التعليقات 2
Anonymous
الحجيه البصراويه الاستاذ الفاضل . صدقت والله المضحك المبكي .
ناطق حقي
أقترح كتابة عمود بعنوان ( ليتهم يحبون العراق بقدر حبهم لأيران .. ) ..