إياد الصالحي
انسلخوا من عواطفكم هُنَيهة، واصطفّوا بقاماتكم البهيّة، وتأمّلوا بإغماض العيون وتفتيح العقول، من يهمّ لصعود الجبل
لا بد أن يتسلّح برجال أشدّاء في العزم، ومؤمنين بالوصول الى القمّة، ومستعدين أن يضحّوا بكل شيء من أجل عهد يُحقق ووفاء مطلق أياً كانت اشكال التحدي ونهايات المغامرة.
شكراً للمنامة "التحدي الأول" لكتيبة أسود الرافدين في الطريق إلى مونديال قطر 2022، فقد كشفت خيبة الأمل بمن وضعنا ثقتنا فيهم على الارتقاء نحو قمة الصدارة بنقاط ثلاث إنهم لم يكونوا بمستوى العهد ولا الوفاء، وكل مؤشرات التقييم المنصف من عديد المحللين المحليين والعرب اصابت الحقيقة بسهم نقد موجع أن الأسود يصلحون لكل شيء تتطلبه كرة القدم إلا تطويع مهاراتهم في تنظيم هجمة واحدة بأسلوب تكتيكي غير مبالغ ويُفضي الى هز شباك المنافس.
لم تزل الفوضى خلاّقة بدءاً من الحارس الذي يعاني شرود الذهن في اللحظات القاتلة، ومروراً بخط دفاع منفلتْ تحت الضغط، وأمامه خط وسط مشتّت لا يمتلك مفاتيح إغلاق أو تعطيل محاور الهجمات، وانتهاء برأس الحربة والمساندين من الخلف يعانون العزلة ومجهولية التصرّف والتمركز غير المؤثر وعادة الانسحاب التدريجي بعيداً عن صندوق الإثارة ليصبحوا منسيين ولا نتذكّرهم إلا عند تنفيذ ركلات الزاوية حيث تصطادهم الكاميرة أثناء الشدّ والجذب مع المدافعين!
منتخب وطني بتاريخ العراق ورموزه الكبار وهدافيه الجلاّدين الذين كانوا يتسلّون بشباك العملاق حمود سلطان، بات ممثلوه اليوم يجلدون صبر الجمهور 90 دقيقة بلا رحمة أملاً بهدف واحد يحفظ ماء الوجه بتعادل فقير سيدفعون ثمنه عندما تلقي النقطتين المهدورة بهم خارج حسابات المجموعة الثالثة إذا ما تقدم أحد المتنافسين بنقطة عليهم في ختام جمع الرصيد للأول والثاني.
ولا جديد يذكر في تقييم المدرب كاتانيتش الذي يواصل البعض التظاهر المزيّف ويُردد ّبأنه لا يتحمّل مسؤولية التعادل، بل أن جهل اللاعبين اساسيات التمرير والتنظيم والتسديد والمناورة وراء ما حدث، هؤلاء يناقِضون أنفسهم، بل يكذبون بلا خجل لأنهم يبرِّئون شخصاً تعامل مع تشكيلة الأسود مثل (حظ يانصيب) لا يهمه من يلعب اساس أو احتياط، ولا يفطن لتوقيت زج البدلاء ولا تغيير اسلوب اللعب حسب رؤيته للمنافس، هذا المدرب لا يجيد سوى الصراخ تعبيراً عن الشعور بالفشل الملازم له والقلق من ردّة الفعل بعدما اكتشف بنفسه دون حاجة لترجمة باسل كوركيس أن العراقيين يندبون حظهم بسبب افتضاح إمكاناته الهزيلة في عالم التدريب وتورّطه واحراجه وغوصه في الرمال المتحرّكة لكرة الرافدين ولا منقذ له سوى الإقالة!
رأي العُقلاء يُحذر من استمرار تجريب اتحاد الكرة قدرة كاتانيتش بعدما استهلك الأخير تجارب الاستعانة بأكثر من تشكيل واسلوب تجلّى عقمهما في نتائج المباريات، ومصير المنتخب معه يُنذر بترقّب مخيف، كما لا يوجد عراقي واحد يأمل خيراً من لجنة المنتخبات التي تقاتل دفاعاً عن وجود السلوفيني ولن يجرؤ رئيسها فالح موسى على تبنّي تقييمه طوال مدة وجوده بما يستحق حرصاً على توقيعه في وثيقة التعاقد الفاشل معه، أما اللجنة التنفيذية للاتحاد لم يرقَ عملها الى أهمية مشاركة المنتخب في التصفيات برغم التيار المعارض الذي يقوده نائب الرئيس علي جبار لتصحيح الخطأ الشنيع باِختيار كاتانيتش وأعلنها جهاراً في 19 آب الماضي أنه لا توجد بصمة للمدرب منذ مباراة فيتنام في كأس آسيا 17 الى مباراة البحرين في غرب آسيا 9، وبالتالي فاللجنة مطالبة بموقف وطني يحفظ أموال الحكومة التي منحتها على اساس اختيار مدرب أجنبي يليق بسمعة كرتنا ويمتلك تجارب مميزة، بينما مبلغ عقد كاتانيتش وخُلاصات 19 مباراة مع الأسود تحتّم مكاشفة الحكومة أن الاتحاد لم يَصدُق معها وذهبت الأموال لمن لا يقدّرها لا المدير الفني ولا الملاك المساعد الذي حظي بفرصة تشغيلية بلا استحقاق!
لذا فإن خيار المدرب المحلي قائم ومجدٍ في التعامل الفني والنفسي مع الأسود، واستقراء الحلول أثناء المباراة في ضوء المعرفة التامة بفائدة زجّ هذا اللاعب وذاك وتنبيه المقصّر وتغيير المراكز وفقاً لظرف المباراة لاسيما أن خبرة المدرب المحلي بمنتخبي إيران والبحرين تسعفه لاستغلال نقاط الضعف وتحفيز المنتخب للاستحواذ على النقاط بما يؤمّن صدارة المجموعة أو احتلال المركز الثاني بحظوظ قوية للانتقال الى المرحلة الحاسمة.