TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: إمام الحرية

العمود الثامن: إمام الحرية

نشر في: 8 سبتمبر, 2019: 09:12 م

 علي حسين

هل ينتمي أولئك الذين يسرقون أموال وأحلام العراقيين ومستقبلهم إلى القيم والمثل العليا التي جاء بها الإمام الحسين؟

هل يستطيع من يدَّعون حب إمام الأحرار الوصول ولو قليلا إلى خصاله وفضائله؟ لا أظن أن هؤلاء الممتلئين غلظةً وقحطاً روحياً يمكن أن يكونوا يوماً جزءاً من مسيرة الحسين، فمثل هؤلاء يسيئون إلى قيم العدل التي نادى بها سيد الشهداء، لأن الاعتزاز الحقيقي بالحسين يفرض على أصحابه أن يقرأوا سيرة هذا الرجل العظيم، ويتوقفوا عند قصته مع الحق والعدل، لقد أدرك الحسين منذ أول سهم أطلق من معسكر يزيد أن هذه الأرض إنما أعدت للباحثين عن المحبة واليقين، ولم تعد للمزورين وناهبي قوت الفقراء، والمرائين ومنتهكي الأعراض وذئاب الطائفية. اليوم يستعيد البعض من ساستنا "الأكارم" ذكرى الإمام دون أن يدركوا ماذا تعني ثورته، وأظنهم لم يقرأوا يوماً ما قاله الحسين حين رفض أن يتولى أمر العباد رجل ظالم مثل يزيد "من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحُرَم الله، ناكثاً لعهد الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله، ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله".

اليوم علينا أن نعيد خطاب الحسين عن العدل والحق والحرية، ونحن نواجه سياسيين ومسؤولين لا يعرفون معنى أن ينهض الإنسان باسم الحياة، مسؤولين وسياسيين يبكون الإمام جهاراً ويجلسون مع يزيد سراً، يريدون منا أن نُثني على من يمارس الظلم، ونرى المآسي ونغمض أعيننا عنها، ينسون أن إمام الحرية علمنا أن الكلمة دليل يكشف الغُمَّة، وقال لنا إن تضحياته ما هي إلا كلمة تضيء الدنيا، وتزلزل أركان الظلم، وتشيد عصر الحرية، وكان وهو يتجه لإعلاء كلمة العدالة، قد حذّرنا من ذليل يستحلي العلم، ومن لسان ينطق بما يأباه الضمير، من حكام يكذبون ويغدرون ويفتكون، ومن ضعاف ينافقون ويزورون.

اليوم نتذكرك يا إمام المستضعفين، ونحن نعيش وسط حكام يزورون ويغدرون ويفتكون وينافقون، نتذكرك بعد أن أصبحت الحقيقة حيرى حزينة، فيما الرذائل أصبحت هي الفضائل، نتذكرك وقد غدا البهتان والتزييف والكذب هي طريق النجاح واستقوى الوضيع وتحكم الفاسدون والمرتشون في مصير الناس، نتذكرك وقد أصبحت المنافع والمكاسب ميزان الحكم، نتذكرك اليوم وقد ازداد الفقراء فقراً واكتظت جيوب الساسة والانتهازيين بالسحت الحرام.

اليوم نتذكرك يا إمام الحرية، ونحن نرى ساسة يتحدثون ليل نهار عن القيم الدينية، وأخلاق الحاكم، ورضا الله والعباد، ومصطلحات وعبارات ضخمة، لكن أكثرهم لا يؤمنون بما يقولون، سياسيون تعددت صورهم وأشكالهم، بعضهم لبس عباءة الفضيلة ليداري رذائله، روائح فسادهم ملأت أروقة مؤسسات الدولة وتسربت منها إلى الشوارع والأقضية والنواحي والمدن، وتحول بعضهم إلى مصيبة وقعت على رؤوس الناس، يتحدثون في ثورة الحسين لكي يخدشوا نصاعة وجهها وروعة مبادئها، وليجردوها من أهم ما جاءت به من معاني الرحمة واحترام الحياة، يدافعون عن الفساد والمفسدين والمرتشين، ويؤلبون فئة على أخرى، ويقيمون الدنيا ويقعدونها من أجل الحفاظ على كراسيهم.

سيدي إمام الحرية.. ضعاف النفوس في بلادي توحشوا وأصبحوا ذئاباً للطائفية ونسوا أنك لم تكن طائفة، بل كنت وما زلت أُمَّة للمستضعفين السائرين على طريق العدل والحب والتسامح.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram