علي حسين
مثل كثيرين بدأت خطواتي الأولى في قراءة الرواية مع نجيب محفوظ، الذي لم يحاول في أعماله الأدبية أن يُهندس القضايا ويفلسفها،
وإنما كان يقدمها ببساطة وعفوية، وفي كل مرة أعود إليه لأكتشف جديداً، في روايته "ميرامار" نجد الصحفي المتقاعد عامر وجدي يعيش حالة من القلق على مصير البلاد يقول: "منذ أن ظهرت عندنا الثورة والديمقراطية والناس تصفق وتغني على كل شيء".
تذكرت هذا الحوار، وأنا أقرأ التعليقات المثيرة والعجيبة على استقالة وزير الصحة علاء الدين العلوان، ولأنني في هذه الزاوية كنت قد كتبت عن شجاعة الاستقالة، وكيف أن المسؤول في الغرب "الكافر" يقدم استقالته إذا ما كشفت وسائل الإعلام أنه قصّر ولو بشكل بسيط في عمله، لكننا في هذه البلاد التي تتغنى بالديمقراطية عشنا وشفنا مسؤولين سرقوا المليارات تحت سمع وبصر الحكومة، لكنهم لايزالون يطلبون من الشعب أن يهتف لهم في الساحات، ولأنني مواطن جاهل لم أكن أعي أن في هذه البلاد لم يعد مسموحاً للمسؤول أن يعتذر لهذا الشعب، حتى وإن وضع البلاد على أعلى درجات سلم الخراب.. سيقول البعض هل أنت مع استقالة الوزير، أنا ياسادة ضد الدجل السياسي، لسنوات حولت الوزيرة السابقة عديلة حمود وزارة الصحة آنذاك إلى شركة مساهمة يديرها زوجها وابن عمها وأشقاء زوجها وأزواج بناتها، وكان يقال لنا ليس من حقكم أن تسألوا هل تمت محاسبة عديلة حمود؟ بل إن البعض أخذ يمنحها الأوسمة والنياشين ويضع على كتفها العلم العراقي، بل ذهب الهيام بالبعض إلى انتاج نشيد يشيد بانجازات عديلة حمود يقول المقطع الأول منه: "عديلة يا عديلة الجرح شديتي حيلة.. على الفقرة كلبهة ولا باعت عربهة.. الوطن كلة شعبهة تلوكلهة الوزارة"..فيما اليوم تجد الذين صفقوا لخراب عديلة حمود يطالبون باستجواب الوزير ، واتمنى ان لايعتقد البعض انني ضد الاستجواب ، انا مع المحاسبة اذا كانت لمصلحة الوطن ، وليس لمصلحة جيوب النواب ، منذ سنوات ونحن نعيش في ظل مزاد الاستجوابات .. واصبح بعض النواب حيتان للصفقات والمقاولات والعمولات ، من سأل التكنوقراط نعيم عبعوب من اين له كل هذه الاموال التي اشترى بها القصور والفلل في بيروت ودبي؟ ، ولا نزال في حيرة من امرنا بعد ان تمكن حسين الشهرستاني بشطارته ان يضع العراق في مصاف الدول التي تقرر شد جزام التقشف ، ولهذا انا ياسادة مستغرب ان يستقيل وزير وكنت اتمنى عليه ان يكون اكثر صلابة ويخبرنا عن شبكات الفساد التي لاتزال تعشعش في وزارة الصحة ، اما الشكوى من الاعلام.. فاعتقد انها نكتة .. لان جميع مؤسسات الدولة تتعامل مع الاعلام على انه " حجي جرايد "