لندن- فيصل عبدالله
ما وعدت به درواته السابقة، أقله على مدى السنوات الخمس الماضية، تحقق على يد الأمريكية تريشيا تاتل في دورتها الأولى
كمدير فني لطبعة مهرجان لندن السينمائي الـ 63 (من 2-13 تشرين الأول/أكتوبر الجاري). أكثر من 50 بالمئة، من أصل 229 شريطاً سينمائياً طويلاً و 116 شريطاً قصيراً و 41 شريطاً وثائقياً و41 فيلماًمتحركاً ، تحقق على يد مخرجات او ساعدن في الإخراج ومن جنسيات مختلفة وفي صنعة احتكرها الرجال تقريباً. إلا ان النفحة النسوية لبرنامج هذه الدورة وأبعادهاا السياسية، لا تخفي باي شكل من الأشكال جهود فريق هذه التظاهرة السينمائية العريقة، إنطلقت في عام 1957، من الإستشراف على جديد السينما العالمية وتعدد أصوات مبدعيها، ان كانوا من المكرسين او ممن دخلوا عالم السينما لأول مرة، وفي مقاربات صارخة في تعقيداتها وتشابكاتها السياسية والإقتصادية والعاطفية. ومثلما إستلفت هذه التظاهرة نتاجات سينمائية سبق وان عرضت في مهرجانات سينمائية دولية مثل برلين وكان ولوكارنو وفينسيا وتورنتو...، ومع ذلك فقد تمكنت من إستقطاب 28 فيلماً في عرضها العالمي الأول و12 فيلماً في عرض دولي و28 فيلماً في عرض أوربي أول قادمة من أكثر من 70 دولة، موزعة على فقرات البرنامج المنوعة مثل أفلام الحب، السجال، الضحك، التشويق، الرحلة والإبداع. ولربما تصلح فقرة الأفلام الوثائقية ان دققنا بمضامين عناوينها لأن تكون لافتة عريضة تحمل أوجاع زمننا المعولم بكل تجلياته الكارثية، إذ تحضر على واجهة مشهده بقوة الحروب والمؤامرات وعمالة الأطفال والإستغلال الجنسي وأساليب التعذيب على معتقلي وكالة الإستخبارات الأمريكية وعفن السياسة والعنصرية والشعبوبة وأوهام الثورة ومآلاتها المفتوحة على نهايات حزينة.
الإفتتاح والختام
- ومثلما وقع الخيار على شريط "التاريخ الشخصي لديفيد كوبرفيلد" والمقتبس عن رواية تشارلز ديكنز، تحمل العنوان ذاته، للكاتب والمخرج أرماندو إينوتشي وبطولة ديف باتال وتيلدا سوينتون ليكون بمثابة الإنطلاقة الرسمية لههذه الدورة. فان شريط الأمريكي مارتن سكورسيزي "الإيرلندي"، وبمعية أبطاله المفضلين مثل روبرت دي نيرو وآل بتشينو وهارفي كيتل وجو بستشي، سيكون مسك ختامها. بين فيلمي الإفتتاح والختام تحضر نتاجات حشد من الأسماء التي تركت أثرها في المشهد السينمائي العالمي، نتوقف عند عناوينها المهمة مثل جديد مايكل وينتربوتون في "الجشع"، ومارييل هيلر "يوم جميل في الحي"، وتايكا ووايتي "الأرنب جوجو"، وكليبر ميندونشا "باكورو"، وكيفن هود "أسرار رسمية" عن التجسس من قبل المتعاقدين العاملين في العراق غداة الغزو الأمريكي البريطاني له على بعثة الأمم المتحدة، وفرناندو ميريليس "البابوان"، فيرنر هيرتزوغ "شركة الحب العائلية"، وتاكيشي ميكي "الحب الأول"، وسيلين شاما "بوتريت سيدة تحترق"، وتاغي أميري "إنقلاب 53"، و فرانسوا أوزون "تحت رحمة الرب" وتيرنس ماليك "حياة خفية"، و سيسي سيلي "الجدة المحظوظة"، وفاسلاف مارهول "الطير المصبوغ".
المشاركة العربية
القراءة الأولية لبرنامج هذه الدورة تشي بوفرة غلة النتاجات السينمائية القادمة من المنطقة العربية، بل وتنوعها لهذا العام، وفي سابقة لم تشهدها دورات هذه الإحتفالية بهذه الكثافة. وبما يحسب لمبرمجي هذه التظاهرة في نقل مايمكن ان تقوله السينما في منطقة تشهد تحولات هائلة على جميع الأصعدة، وتقديمها الى مشاهد في مدينة متعددة الأصول واللغات، أو في أحسن الحالات الى الجمهور البريطاني المشغول بقضية بريكست وتبعات الخروج من الإتحاد الأوربي وتقلبات الطقس. ويأتي شريط "الكهف"، فقرة "عروض خاصة"، للسوري فراس فياض، سبق وان قدم عمله الأول "آخر الرجال في حلب"، على رأسها حيث يأخذنا فياض في جديده الى متابعة يوميات مشفى تحت الأرض تديره طبيبة وفريق عملها النسوي أثناء حصار القوات النظامية لمدينة الغوطة، من 2012-2018، الواقعة على أطراف العاصمة السورية دمشق. وضمن فقرة "مسابقة الأفلام الروائية" يحضر جديد السعودية هيفاء المنصور "المرشحة المثالية"، سبق وان عرض في مسابقة مهرجان فينسيا الأخير، ويدور عن تجربة سيدة تقرر خوض الإنتخابات البلدية وسط مجتمع رجولي وتقليدي. فيما تقدم مواطنتها الشابة شهد أمين عملها "سيدة البحر"، فقرة "مسابقة عمل أول"، وسبق وان عرض ضمن أسبوع النقاد في مهرجان فينيسيا، عن قرية تقدم بناتها نذوراً لمخلوق خرافي مقيم في عمق البحر. فيما يقدم السوداني صهيب قاسم الباري عمله الأول "حديث عن الأشجار"، فقرة "إبداع"، ويخص به مجموعة أصدقاء يجمعهم حب السينما فيقرروا ترميم سينما قديمة. بالمقابل هنا أربعة إشتغالات قادمة من تونس وهي؛ "حلم نورا"، فقرة "سجال"، لهند بوجمعة، و "بيك نعيش"، فقرة "سجال"، لمهدي برصاوي، و "عرب بلوز"، فقرة "ضحك"، لمنال لعبيدي و "تلامس"، فقرة "جراءة"، لعلاء الدين سليم، و"القديس المجهول" للمغربي علاء الدين عليجم، بينما يحضر الفلسطيني ايليا سليمان حاملاً تغريبته الطويلة في جديده "لا بد أن تكون الجنة"، وفي ظل غياب واضح للحضور المصري. ولعل إعادة افتتاح سينما أوديون وسط ساحة ليستر، وسط العاصمة البريطانية، بعد تجديدها وتزويدها بنظام دولبي عالي الجودة ستكون نقطة جذب أخرى لهذه التظاهرة العريقة.