علاء المفرجي
الفنان الراحل سامي عبد الحميد لديه تجربة ثرّة في السينما يجب أن تروى، فقد شهد النصف الثاني من خمسينيات القرن العشرين
وسنوات الستينيات والسبعينيات نشاطاً محموماً للإنتاج السينمائي سواء من قبل القطاع الخاص أو من قبل القطاع العام (دائرة السينما والمسرح). وكان لذلك النشاط أسبابه، منها نجاح عدد من الأفلام جماهيرياً والتغيّر الذي حصل في نظام الحكم من ملكي إلى جمهوري وشعور البعض من هواة السينما بضرورة التعبير عن ذلك التغيير، وتصاعد الرغبة بالتنافس والاستئثار، واختلفت المستويات الفكرية للأفلام التي تم إنتاجها خلال تلك المدة الزمنية وعلى وفق مدى الخبرة الفنية التي توفرت لدى صانعي تلك الأفلام ومنهم مَن لا خبرة لديه إطلاقاً ومنهم من امتلك خبرة متواضعة ومنهم وهم القلة مَن توفرت لديهم الخبرة المناسبة.
وفي تلك المرحلة ظهر عدد من مدراء التصوير المتمكنين ومنهم من تعلم في معاهد الاتحاد السوفيتي ومنهم من درس على أيدي مصورين أجانب، ونذكر حاتم حسني ونهاد علي ورفعت عبد الحميد ويوسف ميخائيل وجورج يوسف ووليم سايمون، وكان من أبرز من عمل في المونتاج هما كاظم العطري وصاحب حداد، أما الممثلون والممثلات فقد كان من بينهم من له خبرة كافية وأخرى من المبتدئون.
وكان نصيب الفنان سامي عبد الحميد من تلك المجموعة الكبيرة من الأفلام أن شارك أولاً في فيلم (المنعطف) ومن ثم في فيلم (الأسوار) . إضافة لـ (من المسؤول) ونبوخذ نصر.
لم يبرع الفنان الرائد سامي عبد الحميد في السينما كممثل قدير حسب، فالذي لايعرفه الكثير عنه إنه عمل فترة طويلة من الزمن كناقد سينمائي، بل إنه كان من أوائل الاسماء التي انتدبها كاميران حسني للعمل في مجلته (السينما) كناقد للأفلام، مع مجموعة من الكتّاب ، منهم الفنان يوسف العاني، والإذاعي سعاد الهرمزي، والشاعرصادق الصائغ، والتشكيلي نوري الراوي، وآخرين.
فعند عودته من الولايات المتحدة الاميركية وبعد أن أنهى دراسته لفن السينما في إحدى جامعات كاليفورنيا بادر المخرج السينمائي (كاميران شفيق حسني) باصدار أول مجلة عراقية متخصصة بالفنون السمعية والمرئية وفي مقدمتها السينما. وكان أول عدد للمجلة قد صدر يوم الاربعاء 21/ايلول/1955 . وكان الغرض من إصدار هذه المجلة أول الامر توظيفها للترويج لفيلم (سعيد افندي) الذي تولى إخراجه لشركة اتحاد الفنانين التي ترأسها آنذاك المحامي عبد الكريم هادي الحميد وهو أحد المخرجين في قسم المسرح بمعهد الفنون الجميلة. وكانت صورة نجوم السينما الغربية تتصدر أعداد المجلة.
وفي العدد الأول انتقدت المجلة ما سمته (حمى الشركات السينمائية) حيث كثرت أعداد تلك الشركات ومنها ما هو وهمي وفيها ما راح يتميز هواة الفن السينمائي وذلك باغرائهم بامكانية مشاركتهم في أحد الأفلام العراقية مقابل اشتراك أو أسهم في الشركة. وكان من حسن حظي أن أكون أحد محرري مجلة السينما ونشرت مقالة عن الفن المسرحي في العدد الاول وواصلت عملي فيها حتى العدد الأخير، (نشر ريبورتاج عن الممثلة الحسناء (مارلين مونرو) وعن فيلمها (حرب السبع سنين) للمخرج الشهير (بيلي وايلدر) . وفي ذلك العدد الأول نشرت شكوى ضد (شركة سومر للأفلام السينمائية) التي باشرت بانتاج فيلم (من المسؤول) لكونها لم تستعن بطلبة وخريجي معهد الفنون الجميلة. أما المخرج (عبد الجبار ولي) وهو الآخر كان قد عاد من الولايات المتحدة بعد أن انهى دراسته للسينما و عن الأفلام التعليمية والحاجة إليها. ومن الأبواب التي اعتمدت في المجلة (الفن في أسبوع) و(السينما في صور) و(السينما من كل مكان) وفي العدد الثاني كتب المخرج (صاحب حداد) مقالة عن السينما الإيرانية.
*مقتطع من كتاب يصدر قريباً