TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مجرد كلام: حكومة لا تسمع.. ولا ترى

مجرد كلام: حكومة لا تسمع.. ولا ترى

نشر في: 7 أكتوبر, 2019: 08:39 م

 عدوية الهلالي

يقول المثل اليوناني :" على باب رجل أصم ، يمكن أن تطرق الى الأبد" ، ويبدو أننا ابتلينا بحكومة صماء لا تسمع ،

وأيضاً عمياء لا ترى ، لذا فلن تجدي طرقاتناعلى أبوابها ولن تستمع الى صراخ الأطفال وعويل الأمهات وأنين المرضى وهتافات المتظاهرين مهما علت..ستنجح الحكومة دائماً بادعاء الصمم ثم تعمل على تحويل اتجاه الغضب الشعبي الذي ربما يرافق أزمة ما لوجهة أخرى وإلهائه بأزمة جديدة وهكذا ..وبالتدريج سيجد نفسه يدور في حلقة مفرغة من الأزمات ولن يجرؤ على الخروج منها لأن هنالك من يعيده إليها صاغراً بربطه بقيود تعليم سيئ يعمل على تسطيح أفكاره وانهيار في القطاع الصحي لايتناسب وحاجته الماسة الى الدواء وضعف في الاقتصاد الوطني يجعله أسيراً للاستيراد والغلاء وغياب للخدمات الاساسية يرهقه ويسلب منه راحته طوال أيامه ولياليه ..لن يكون الشعب قادراً بعد كل ذلك على الاستيقاظ من حالة التخدير التي تضعه السلطة تحت تأثيرها وسيضطر الى الاستسلام والخضوع لكل العمليات الجراحية التي تجريها له الحكومة وهدفها المعلن هو علاجه وشفائه من أسباب معاناته أما الهدف الخفي فهو الايغال في تخديره وإبقائه حياً ميتاً الى أطول وقت ممكن ..

منذ أن بدأت أزمة إزالة التجاوزات والكل يتبادل الاتهامات فهنالك من يتهم الحكومة بأنها تستهدف الفقراء ولاتحاسب الأحزاب والمسؤولين الكبار الذين يحتلون مناطق كبيرة تعود للدولة ، وهنالك من يتهم سكان التجاوزات ويقول بأن أغلبهم يملكون دوراً سكنية لكنهم عملوا على تأجيرها والسكن في مناطق التجاوز، كما اتهمت حكومة البصرة سكان التجاوزات بالعمل في تجارة المخدرات والسرقة وكل الممارسات المخالفة للقانون وألقت باللوم على الطارئين على مدينة البصرة داعية الى إخراجهم من المحافظة وإعادتهم الى مناطقهم ماحدا بفريق آخر الى اتهام محافظ البصرة بالتفكير ( المناطقي ) ..

في مايخص الفقير المعدم الذي وجد في العشوائيات حلاً لمشكلة السكن فلم يكن أمامه إلا الخروج في تظاهرات والصراخ مطالباً بحقه في الحصول على سقف يأويه في زمن فقدان الثقة بوعود الحكومة ومرشحي الانتخابات..لكن الزوبعة التي حدثت لم تتخطَ الفنجان الذي أعد لها فهي مجرد أزمة كسابقاتها وستتضاءل وتضمحل بالتدريج بانتظار ظهور أزمة أخرى ولن تستمع الحكومة لصراخ الفقير أو تحاسب الكبار الذين يستولون على أملاك الدولة ولن تجد حلولاً بديلة أو تتناول القضية بشكل جدي ..وبعد حرق عدة دور وهدم أخرى وتشريد عوائل عديدة ستتريث الحكومات المحلية في إزالة التجاوزات لأنها لن تجد لها حلولاً ولن تجعل منها شرارة يمكن أن تتسع وتصبح حريقاً ، وهكذا ، سيكتشف المواطن أنه يدور في حلقة الأزمات ولن يخرج منها أبداً ، وخلال ذلك ، سيكتشف أيضاً أنه سيظل مضطجعاً الى الأبد على طاولة السلطة وهو في حالة تخدير أو موت سريري !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram