طالب عبد العزيز
أنا واحد من عشرات، أشهد الله على أنني لن أتحدث عن الحكومة بسوء، ولن انتقد اداءها، ولن أتعرض الى فسادها، ولن أغامر برأسي، ولا برأس أحد أبنائي في تظاهرة يقودها عراقيون مخلصون،
يُقتلون برصاص يطلقه ملثمون، وعملاء واضحين وضوح النهار، هذه الحكومة لا تمثلني، فهي غير قادرة على حمايتي إن خرجتُ عليها، مع أن الدستور كفل لي حق التظاهر السلمي.
وأبعد من ذلك أنها (الحكومة) ما زالت غير قادرة على كشف هؤلاء القتلة، فهي أجبن من أن تسميهم باسمائهم، مع انها تعرفهم واحداً واحداً، مثلما تعرف حقيقة فسادها، وحقيقة تدميرها للحمة العراقيين. أنا قادر على تلقي الرصاص الذي يطلقه شرطي من ابناء وطني، فهو مما يطيش ولا يخترق صدري، لكنني، غير قادر على مجابهة الرصاص القادم من الحدود، يمسك به رجال لا يهمهم الوطن، وغير معنيين بلحمته، لذا، ساعتذر من وطني ومن ترابه وسمائه ومائه، وأصارحه بمخاوفي، لأنني إن مت سيقولون عني شهيداً، ويساوون بيني وبين العملاء، بين القتلة والسفلة، الذين يترصدونني من البعيد، في العمارات والطرقات المظلمة/ هذا وطن لا يفرّق بين الوطني والعميل.
ويؤسفني أن أقول بان المرجعية الدينية لم تعد تمثلني، فقد تخلت عن دم أشقائي وأهلي، وساوت بين الدم والماء في مصالحة مضحكة، فهي ومنذ سنوات تطعم أذني بما يجاور المعاني، وبما لا يلمس الحقيقة. سنوات وهي تشير وتلمّح، وانا رجل واضح، أنتمي للذي يسمي القتلة لي، مثلما أنتمي للذي يسمي الوطني الغيور، وهذا على خلاف قواعد اللغة والفقه والمعاملات، أنا أنتمي لمن قالها صريحة واضحة: "والله لأبقرن بطن الباطل حتى أُخرج الحق من خاصرته" لا لمن ظل يحدثني عن الحق وهو يضمره، ولا لمن ظل يحدثني عن الباطل وهو يجهله، هذا زمان ليس لي فيه رغيف، لست منافقاً ولا ضالاً ولا ألبس الحق لبوس الباطل، عبر لغة باطنية، في زمن العلوم والكشف والوضوح.
هذا وطن ظل صامتاً عن اسماء عشرات الآلاف من القتلى المجهولين، وشكل من اللجان ما لم يشكله وطن في العالم، وهذه حكومة لا يحتاج معها الوضيع الى تبيان فسادها. كل من على كراسيها متهم بالخيانة، والضلوع بشلال الدم، الممتد منذ عقد ونصف وأكثر، وأنا فرد لا أغامر برأسي في قافلة الذاهبين الى وطن مصادر في بنادق الغرباء، الى وطن يباع ويشترى في سوق العمالة والنذالة، كل مسؤول في بغداده والغ بدم اخوتي وأشقائي واهلي، وطن يحكمه الجبناء ليس وطني، بلاد لا يدافع حكامها عن دمي لن أذهب الى عليائها مهما طالني من الذل والهوان، هناك من يسمي الاشياء صريحة ليموت، أما أنا سأقبع خلف لغتي الذليلة، ففي مدينتي من الملثمين من هو قادر على دخول بيتي ساعة يشاء، ويقتل من أسرتي من يشاء، لا لأنني حملت بندقية أو رفعت يافطة ضده، إنما لأنني تنفست الهواء الذي هو حقه.