إياد الصالحي
تُعنى وزارة الشباب والرياضة بشريحة مهمة تمثّل عِمادَ الوطن في جميع الظروف، ويقع على عاتقها تبنّي أحلامهم بحدودها المقبولة وما يفكّرون واقعياً من أجل ترويض التحدّيات داخل أنفسهم،
وتعزيز فرص النجاح ليثقوا بأمكانياتهم ويشرَعوا في رحلة الحياة ويستفيدوا من خدمات الدولة كرجال طموحين لا يكلّوا من طرق أبواب المستحيل حتى ينالوا مراميهم المشروعة.
وإذا كان الأغلب ينظر الى وزارة الشباب والرياضة على أنها وزارة أساسية ضمن الكابينة الحكومية وذات صلة بالمحاصصة ما بين الأحزاب والكتل لترشيح الوزير المناسب لها، فهي غير ذلك في عموم الدول، جهة قطاعية مستقلّة تمارس دورها الوطني النافذ والمتطلّع دون قيود السلطة وبيروقراطية جهازيها الإداري والمالي وانعكاسات التأثير الحزبي على مواقف وقرارات الوزير، هكذا يجب أن تتمتع الوزارة بفكر مستقل لا همّ له سوى تنمية الثروة الشبابية لاجيال متوالية نراهن على تنشِئتها السليمة في بيئة تصلح لإعدادهم قادة إصلاح للمجتمع وليسوا أدوات معارضة للانظمة الحاكمة يهبّوا للشارع كلما أهملت حقوقهم، مع أن هذا يمثل احتجاجاً طبيعياً إذا ما إنطلق من تجمّع سلمي.
منذ مطلع تشرين الأول الذي شهد انتفاضة احتجاج عارمة في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد وعدد من المحافظات لآلاف المتظاهرين قاربت أعمارهم بين (16و30) عاماً راموا إشعار الحكومة أنه لم يعد للظرف القاسي الذي يعيشون ارهاصاته وقتاً إضافياً بعد أن جزع الصبر منهم وسط غياب "فرص التعيين والاشغال اللائقة بقيمة الشاب العراقي، والعدالة بمنح الحقوق، وحرية التعبير المكفولة دستورياً" منذ ذلك الوقت ووزارة الشباب تلتزم الصمت، بل ولم تصدر بياناً صارخاً مثلما تقتضي وقائع الأزمة تشجب فيه قتل الشباب وجرحهم وضربهم ومطاردتهم واعتقالهم وكتم أصواتهم المطالبة بحقوقهم فوق أرض بلادهم الغنية بميزانيات سنوية عابرة للمئة مليار دولار سنوياً والمعتمدة أساساً على صادرات النفط بمعدل 3.9 مليون برميل يومياً.
لا حراجة مع الدم العراقي يا وزير الشباب والرياضة، الكلمة الحقة لشهداء الاحتجاج أقل موقف يتوجّب أن يصدر عن الوزارة إكراماً للعنوان الكبير الذي تُكنّى به وزارتكم وتُضمّنهُ في مخاطباتها ومناهجها وبرامجها ورسائلها الداعية الى حماية الشباب وتأمين أفضل فرص العيش الهانئ لهم، لاسيما إنك عانيت الظروف ذاتها قبل سنوات عدة وأخترت الإقامة خارج البلاد لمواصلة العمل وكسب المال الحلال قبيل أن تتسنّم موقعك المتناسق مع تاريخك الرياضي النظيف وعمرك المتناسب مع مرحلة النهوض بقطّاع الشباب.
لتشرع وزارة الشباب والرياضة بإقامة أسبوع رياضي يدعم أسر شهداء الاحتجاج معنوياً ومادياً، باختيار عدد من الألعاب البارزة يُخصّص كل يوم لإحداها كي تشهد مباراة قمة سواء في كرة القدم أم السلة أم اليد أم الطائرة أم فعالية للدرجات أو الملاكمة أو المصارعة أو بناء الاجسام ..وهكذا حسب برنامج الاسبوع المقترح وتطرح تذاكرها الخاصة بالمناسبة لتستقطب جمهوراً كبيراً يسهم في تدعيم الغرض الإنساني، ويكون مجموع ريع تلك الفعاليات لعوائل الشباب الذين ضحّوا بحياتهم من أجل قول كلمة الحق، وهي من أعظم الكلمات التي يدافع عنها الانسان لتحقيق العدل في الحياة
التاريخ سيذكر مواقف الجميع أبطالاً وجبناء في ميزان تقييم ردود الأفعال تجاه ثلة من الشباب النابض بالحماسة والغيرة, غدروا أثناء التظاهر برصاص مجهول لم تؤكد مصدره لجنة التحقيق القائم حتى الآن ونرى في روحية د.أحمد رياض تعزيزاً للثقة بتنفيذ مقترحنا ليصبح جاهزاً مطلع تشرين الثاني المقبل بعد التنسيق مع الاتحادات المعنية به انظلاقاً من مسؤوليته عن قطاع الشباب ودوره الإنساني في الاصطفاف مع مواقفهم وتعضيد مطالبهم والتعبير عن التضامن الفعلي مع أسرهم التي تركوها هائمة في دروب الحيرة والقلق والمصير الغامض بعد أن عولت عليهم لتوفير دخلها اليومي وتقاوم الجوع والموت بكرامة .