علي حسين
لو أقسم مستشارو رئيس الوزراء بأغلظ الأيمان ، أن ما حدث في التظاهرات الأخيرة كان دفاعا عن هيبة الدولة لما صدقتهم، حتى لو كان ذلك صحيحا،فهل يعفي ذلك جوقة المستشارين هؤلاء، والضباط الكبار من جريمة قتل الشباب بدم بارد. ؟
للأسف النتيجة هي أن ما جرى مخالف لكل الشرائع بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، وبالتالي علينا أن نواجه الحقيقة، وهي أننا نعيش لحظات عصيبة، وأن الخوف على مستقبل البلاد وأمنها واستقرارها لا يمكن أن يصبح رهينة بيد مستشارين لم يبلغوا سن الفطام بعد ولايريدون لنظام "القائد الضرورة" أن يغادر ذاكرة الناس.
لقد بات واضحا الآن أن المستفيد الوحيد من هذه الفوضى هم جوقة المستشارين الذين يحيطون برئيس الوزراء ولا يعرفون أبسط قواعد العمل السياسي، وبالتالي فعلى كل شخص أن يحسم أمره، هل هو مع مصلحة الوطن، أم مع مصلحة بضعة مستشارين ومراهقي سياسة يريدون اللعب بالوطن ؟!
القرار السريع الذي ينتظره الناس بعد مذبحة التظاهرات هو إقالة كل المسؤولين عنها وتقديمهم للقضاء، المسألة بالنسبة لي ليست شخصية، كما أنها ليست متعلقة بفشلهم المتواصل في معظم الملفات، لأن الناس أدركت مبكرا أنها تعيش في ظل تهريج سياسي، وإلا ما معنى أن يسلم ملف التحقيق في حوادث قتل المتظاهرين إلى وزير التخطيط؟، وعندما تسأل مذيعة إحدى القنوات أحد مستشاري رئيس الوزراء : لماذا تم اختيار وزير التتخطيط ليرأس لجنة أمنية؟ يجيبها بكل أريحية: "لأن وزارة التخطيط تخطط لأمن البلد"، وإذا عرفت عزيزي القارئ أن وزير تخطيط العراق نوري صباح الدليمي يحمل شهادة مدرسة دينية، لك أن تتخيل حجم التنمية والمشاريع التي ستنعم بها البلاد.. هل تريدون المزيد؟.. هاكم.. رئيس خلية المتابعة في مكتب رئيس الوزرء اسمه مصطفى سند، حاولت أن أبحث عن المؤهلات التي وضعته في هذا المنصب فلم أجدها، ربما يسخر مني البعض ويقول يارجل تبحث عن مؤهلات، وقائمة المستشارين في الرئاسات الثلاث ضربت الرقم القياسي في المحسوبية وتقريب الأحباب والمعارف ونبذ الكفاءات؟
كان ديغول محاطاً بالكاتبين أندريه مالرو وفرنسوا مورياك، فيما أصر مستشار ألمانيا فيلي برانت على أن يكون الحائز على نوبل غونتر غراس مستشارا له وكاتبا لخطاباته، ، وقد استقال برانت باني المانيا والحاصل على جائزة نوبل للسلام، لأن الأجهزة الحكومية أبلغته بمخالفات ارتكبها أحد مساعديه.
تكررت في الأيام الأخيرة ظاهرة لا وجود لها إلا في هذه البلاد المغرقة بالخطابات والشعارات، تتلخص في محاولة البعض أن يطمس دور الكفاءة في بناء البلاد ، لأن القائمين على الدولة أصروا على أن يحولوا البلاد الى برنامج ساخر !!.