اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: برلمان أهل المحابس

العمود الثامن: برلمان أهل المحابس

نشر في: 21 أكتوبر, 2019: 09:33 م

 علي حسين

الشاعر الساخر والصحفي الملا عبود الكرخي، ظاهرة قلما تتكرر في عالم الشعر، ودنيا القلم والكتابة ، فقد عاش رحلة طويلة بمفارقاتها وصراعاتها،

فاستطاع من خلالها الغوص إلى قاع المجتمع حيث البسطاء من الناس وهموم الحياة واللهاث وراء أبسط متطلبات الحياة. كان يكتب وهو يعيش فلم يكن أدبه نابعاً من الحياة كما يقال، إنه الحياة نفسها، تلك الحياة التي عاشها واكتوى بنارها، لم يعرف الهدوء والعزلة أو الأبواب المغلقة والنوافذ المسدودة، فالحياة عنده لا فرق فيها بين البيت والشارع أو بين العمل والعلاقات الإنسانية المختلفة. كان محباً للحياة بلا حساب، ومحباً للشعر ومعه الصحافة .

بدأ حياته صبيا يرافق القوافل التجارية، لكنه قرر أن يصبح صحافياً، لم يتوقف رغم أن الحكومة أغلقت له خمس صحف، أنشأ صحيفة من غرفة صغيرة، وجعلها ساخرة بدل أن تكون صحيفة عادية، وكان يملؤها بنفسه، الأشعار، والافتتاحيات السياسية الجريئة، مخلصاً للعراق البلد، ومخاصما للعراق الحكومات طوال عمره، كانت أشعاره لوحات أدبية وسياسية متفردة، خليطا من الأدب والسياسة والنقد والسخرية، وقاسما مشتركا واحدا هو حب الوطن. كان شاهد عيان على أحداث وسنوات جسام، ظل فيها حاضراً بشكل يومي ليصبح وبجدارة ضمير شعب بكامله، من خلال قصائد ساخرة أصبحت ملاذ الناس ومضرب أمثالهم .في بدايات القرن الماضي عندما لم يجد الكرخي في مجلس النواب حينذاك، من يمثل الشعب بشكل صادق وحقيقي، كتب فيهم قصيدة أصبحت مثلاً حتى يومنا الحاضر عنوانها "قيّم الركَاع من ديرة عفج". يقول فيها:

برلمان أهل المحابس والمدس 

عكب ما جانوا يدورون الفلس 

هسة هم يرتشي وهم يختلس 

ولو نقص من راتبه سنت انعقج 

قيم الركاع من ديرة عفج 

وهي قصيدة مؤثرة لأنها وإن عبرت عن مرحلتها، فإنما تعبر بصدق عما يسود الأجواء التي نعيشها الآن، ففي وسط الأزمة التي يمر بها العراق نقرأ في الأخبار أن برلمان "أهل المحابس" قرر تأجيل عقد جلسته لما بعد تظاهرات 25 تشرين الأول، برلمانيون يعيشون في حالى انفصام عن الشعب ، فيما الوطن في خطر، ومواجهة الخطر لا تكون بالهروب وخداع الناس والبعد عن الحقيقة مهما كانت مرارتها، وانما بالاطمئنان على العراق وعلى مستقبله وعلى مصيره، فهو أهم من الأحزاب والكتل السياسية، وهو باق وجميع الأحزاب زائلة . 

في هذه الأيام العصيبة نتذكر كبير الساخرين وجليس الضعفاء ونتذكر معه سخريته من سياسيين لا يحبون أوطانهم، يذرفون الدمع على تظاهرات البحرين، في الوقت الذي يسخرون فيه من تظاهرات شباب العراق ويتلذذون بـ " قنصهم " .

رحمك الله يا عمّنا الكرخي فما زلنا نبحث عن ركاع لديرة عفج.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العدل تعلن اعداد النزلاء المطلق سراحهم خلال شهر تموز

القضاء يحكم بالاعدام والسجن المؤبد بحق 30 تاجر مخدرات

السوداني يحذر من خطورة الاستخفاف بسيادة الدول

ميسي ضمن التشكيل المثالي لكوبا أميركا

أسعار الدولار في بغداد.. سجلت ارتفاعا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

العمودالثامن: أحزاب وخطباء !

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

العمودالثامن: نواب يسخرون من الشعب

 علي حسين يملأ بعض السياسيين حياتنا بالبيانات المضحكة ، وفي سذاجة يومية يحاولون أن يحولوا الأنظار عن المآسي التي ترتكب بحق هذا الشعب المطلوب منه أن يذهب كل أربع سنوات ” صاغراً” لانتخاب...
علي حسين

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

رشيد الخيون عندما تُعلن الأنظمة، تحت هيمنة القوى الدّينيّة المسيسة، تطبيق الشّريعة، تكون أول ضحاياها النّساء، من سن زواجهنَّ وطلاقهنَّ، نشوزهنَّ، حضانة أولادهنَّ، الاستمتاع بهنَّ، ناهيك عما يقع عليهنَّ مِن جرائم الشّرف، وأنظمة لا...
رشيد الخيون

مأساة علاقات بغداد وأربيل..استعصاء التجانس واستحالة التفارق

رستم محمود أثناء مشاركته في الاجتماع الموسع للأحزاب والقوى السياسية العراقية في العاصمة بغداد، ضمن زيارته الأخيرة، والتي أتت بعد ست سنوات من "القطيعة السياسية مع العاصمة"، رفض زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني والرئيس الأسبق...
رستم محمود

كلاكيت: للوثائقيات العراقية موضوعات كثر

 علاء المفرجي أثار موضوع تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق، من جدل اجتماعي أحتل ومازال مواقع التواصل الاجتماعي، أُعيد ما كتب في هذا الحيز عن فيلم (خاتم نحاس) إخراج فريد الركابي والذي انتجته...
علاء المفرجي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram