الأربعاء، 16 إبريل 2025

℃ 25
الرئيسية > أعمدة واراء > شناشيل: لماذا السكوت على هذه الجريمة الكبرى؟

شناشيل: لماذا السكوت على هذه الجريمة الكبرى؟

نشر في: 22 أكتوبر, 2019: 09:00 م

من أجل أن يبقى قلم الكاتب الراحل عدنان حسين حاضراً في المشهد العراقي، تعيد المدى نشر بعض "شناشيله" التي سلط من خلالها الضوء على الفساد الإداري والمالي ودافع عن قيم الدولة المدنية والعدالة الاجتماعية.

 عدنان حسين

مرّت سنوات عدّة منذ الكشف عن دخول أدوية منتهية الصلاحيّة إلى العراق عبر الحدود مع إيران، بما فيها أدوية مفترض معالجتها أمراضاً خطيرة، كالسرطان.. بل الكشوفات شملت أيضا أغذية فاسدة تتدفق على الأسواق العراقية بحريّة تامة، وكأنما لا يوجد حتى بوّابون ونواطير على الحدود.
شحنات الأدوية والاغذية الفاسدة وراءها تجّار فاسدون، عراقيون في المقام الأول وإيرانيون أيضاً وربما من جنسيات أخرى كذلك.. ما المانع؟!.. حرية التدفّق هذه وراءها موظفون فاسدون عراقيون، منزوعو الذمّة والضمير والوطنية، وهم تكاثروا كما الجراد في عهد الإسلام السياسي الحالي الذي أطلق العنان لكل أشكال وألوان الفساد الإداري والمالي. هؤلاء الموظفون في أجهزة الصحة والتجارة والمنافذ الحدودية والجمارك وراءهم أيضاً مسؤولون كبار في دوائرهم يوفّرون الحماية لهم ويقاسمونهم ما يتلقّونه من رشىً من التجار الفاسدين.
هذا كله معروف.. لكنّ الغريب أنّ الدولة لم تتحرّك على مدى هذه السنوات لتردع الفاسدين وتوقف هذا الموت الزؤام القادم مما وراء الحدود الشرقية، ولا ينبغي استبعاد الحدود الغربية والجنوبية والشمالية أيضأ، فالفساد لا جهات ولا حدود له، مثلما الفاسدون لا دين ولا جنسية لهم.
في الجانب العراقي، تبادلت أطراف عدة الاتهامات بالمسؤولية عن دخول الأدوية والأغذية الفاسدة: وزارة الصحة، وزارة التجارة، المنافذ الحدودية، الجمارك، نقابة الصيادلة وسواها. والواقع إنّ هذه الجهات جميعاً تتحمّل المسؤولية ، لأنّ كلّاً منها عليه واجب مُحدّد في القوانين النافذة في مكافحة الاتجار بالأدوية والاغذية الفاسدة وكلّ تجارة غير شرعيّة، ولو أنّ أيّ جهة من هذه الجهات لم تقصّر في واجبها ما كنّا شهدنا هذا الانفلات في هذا النوع من التجارة الذي يرتفع مستوى خطره الى مستوى الإرهاب والحرب المباشرة.
في الدول التي فيها حكومات تحترم نفسها وشعبها ودولتها لا يمكن لأيّ مسؤول، من الموظف الصغير الى رئيس الدولة، أن يسكت يومين أو ثلاثة على معلومات خطيرة من نوع الأغذية والأدوية الفاسدة. لا أحد في "دولتنا" يحرِّك ساكناً حيال المعلومات المتدفّقة يومياً في هذا الخصوص.. هذا يعني أن هؤلاء المسؤولين شركاء في هذه الجريمة الخطيرة، ويتعيّن محاسبتهم على النحو الذي يحاسب به مسؤولو المنافذ الحدودية والجمارك والصحة والتجارة، فهم أيضاً شركاء في عملية القتل الجماعي هذه .
لا تقولوا بعد الآن، يا كبار مسؤولي الدولة: لم نكن نعلم، ولم ينبّهنا أحد..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

سيكولوجية تجنيد العقول في الجماعات الارهابية الدينية

قناطر: العالم يتوحش .. المخالبُ في لحمنا

العمود الثامن: قوات سحل الشعب

"الحشد الشعبي"... شرعنة التشكيل بوظائف جديدة

كلاكيت: "ندم" وعودة الفيلم الجماهيري

العمود الثامن: قائمة المنتفعين

 علي حسين في بلاد الرافدين حزب من المنتفعين يضم عدداً من السياسيين والمسؤولين الكبار ممن إذا أصابت الناس مصيبة لاذوا بالصمت الذي هو في عرفهم أبغض الحلال. ومن المفارقات العجيبة في العراق -بلد...
علي حسين

باليت المدى: كرسي مكسور الساق

 ستار كاووش عندَ لقائي ببعض الناس أفاجئ ببعض التفاصيل الصغيرة التي تُشير الى نوع من الكسل واللامبالاة وعدم إيجاد الحلول حتى وأن كانت صغيرة. فرغم إنغماس أحدهم بتعديلِ صُوَرِهِ ببرامج الفوتو شوب كي...
ستار كاووش

(50 ) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياة بين فذيفتين

زهير الجزائري (1) يوم ١٣ نيسان ١٩٧٥ بدأت الحرب من مجزرةً (عين الرمانة). كنّا في طريقنا إلى الجنوب اللبناني حين انقطع بثّ الراديو بين إعلان عن مسحوق الغسيل المفضل لدى النساء العصريات و سيكارة...
زهير الجزائري

التنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين: تحديات القرن الواحد والعشرين

محمد علي الحيدري التنافس بين الولايات المتحدة والصين أصبح في السنوات الأخيرة أحد أبرز القضايا التي تحدد ملامح السياسة العالمية، حيث يشتد في المجالات الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية بشكل يثير الكثير من التساؤلات حول مستقبل...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram