الرئيسية > أعمدة واراء > شناشيل: نظام الصدّ ما ردّ..

شناشيل: نظام الصدّ ما ردّ..

نشر في: 23 أكتوبر, 2019: 08:27 م

من أجل أن يبقى قلم الكاتب الراحل عدنان حسين حاضراً في المشهد العراقي، تعيد المدى نشر بعض "شناشيله" التي سلط من خلالها الضوء على الفساد الإداري والمالي ودافع عن قيم الدولة المدنية والعدالة الاجتماعية.

 عدنان حسين

حينما تولّى الملك فيصل الأول الحكم في 1921، لم يكن العراق دولة ولا شبه دولة حتى. كان ولايات متفرقة على عهد العثمانيين الذين أطاح احتلالهم الطويل الجائر والمتخلّف الإرث الحضاري العظيم للعراق. كان على الملك فيصل أن يبدأ من الصفر تماماً. برغم ذلك، هواستطاع في غضون اثنتي عشرة سنة فقط أن يُنشئ دولة العراق الحديثة، ويوم مات (1933) لم يجد خلفاؤه صعوبة في إدارة الدولة من بعده، فهو وضع الأساس المكين لها: الدستور وجملة القوانين المنبثقة عنه والجهاز الإداري اللازم لدولة ناشئة، بسلطاتها الثلاث.
عبد الكريم قاسم حكم العراق أقل من أربع سنوات أحدثَ في أثنائها تغييرات اقتصادية واجتماعية كبيرة وحقّق منجزات بارزة منها: إلغاء نظام الإقطاع ودعاوى العشائر لصالح نظام الدولة الحديثة، الإصلاح الزراعي، التوسّع في التعليم والخدمات الصحية والاجتماعية والثقافية، استعادة 99.5 بالمئة من الأراضي الممنوحة لشركات النفط الأجنبية ما مهّد لاحقاً لاستثمار حقول النفط وطنياً، بناء المشاريع الصناعية والزراعية والإروائية التي خطّط لها مجلس الإعمار في السنوات الأخيرة من العهد الملكي، تشريع قانون الأحوال الشخصية الجديد الذي ضمِن للنساء الكثير من حقوقهنّ المهضومة.
وفي غضون عشر سنوات (1968 – 1978) أقام حزب البعث دولة قويّة مهّد لها بوقف الحرب ضد الكرد والاعتراف بحقوقهم وفي مقدمها الحكم الذاتي، وبالانفتاح على القوى السياسية الأخرى (الكردية والقومية العربية والحزب الشيوعي)، وبتأميم النفط، وبناء المصانع الكبرى والمشاريع الزراعية والإروائية وإنشاء الموانئ وفتح الطرق الجديدة السريعة وتطوير نظام الخدمات العامة (الكهرباء والماء والصحة والتعليم والصرف الصحي والنقل)، ونجح في محو الأمية، قبل أن ينقلب صدام حسين على قيادة حزبه ليحيل كل شيء إلى رماد، بحروبه العدوانية وبطشه السافر في حقّ المعارضين والمعترضين والمخالفين في الرأي.
نظامنا الحالي يعبرُ الآن سنته الخامسة عشرة إلى السادسة عشرة، لكنّه لم يصل بعد الى حافة سنّ الرشد التي بلغها نظام الملك فيصل الاول في أقل من اثنتي عشرة سنة وحكم قاسم في أقل من أربع سنوات ونظام البعث في أقل من عشر سنوات.. بل إنّ النظام الحالي قد زاد في خمس عشرة سنة من مستوى الخراب الشامل الذي خلّفه نظام صدام، ولا تبدو في الأفق أي بارقة أمل لأن يستدير هذا النظام عن خط سيره على "درب الصدّ ما رد" الذي لا يفضي إلّا الى إعادة إنتاج الخراب والدمار والمآسي والكوارث والمحن التي كابدناها على مدى الخمس عشرة سنة الماضية.
الفاسدون الذين يديرون النظام الحالي لم يتركوا للدولة المُبتغاة والمُرتجاة حتى الحجر الأساس، فالمرحلة الانتقالية التي توافق عليها الفاسدون مفتوحة آفاقها على كل ّالسنين والعقود المقبلة... لزوم سيادة الفساد ودوامه!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

كلاكيت: "ندم" وعودة الفيلم الجماهيري

الحاكم بمنظور إمام سلطة الحق

العمود الثامن: اربيل تقرأ

مرور نصف عقد على رحيل رفعة الجادرجي 10 نيسان 2020

العدالة الدولية تحت المطرقة (الجزء- 2)

العمود الثامن: جماعة الفشل

 علي حسين ثمة متعة خاصة في قراءة كتب المفكر الفرنسي جاك أتالي، وخصوصاً كتابه عن كارل ماركس والذي أكد فيه على مقولة ماركس الشهيرة "ظلّت الفلسفة تفسّر العالم بطرق مختلفة. ولكن المهم تغييره"....
علي حسين

قناطر: المُوحِشُ المُسْتفرَد بين السعفِ والقبّرات

طالب عبد العزيز من السعف الذي لم تأته الريح من الشمال، ومن الجذوع، أنبأتها الشمسُ بموعد النهار، ومن القصب، لم تثقّبهُ نداءاتُ الراحلين، فظلَّ قصباً الى الحين والابد، أنشأتُ كوخاً، آوي اليه أحياناً، أسجِّي...
طالب عبد العزيز

( 50 ) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياةً بين قذيفتين

زهير الجزائري   ( 3) من نافذة الصف تمتد أمامي نازلة بساتين الحمضيات. أحاول أن أهدئ نفسي بخضرتها المتعافية و بزرقة البحر الممتد إلى اللانهاية. أسمع جرس الاستراحة وأقول لنفسي: مستحيل! لا البحر ولا...
زهير الجزائري

في خط الشروع للمشروع الوطني التنموي

ثامر الهيمص لكي تنهض اي امة او شعب، لابد ان يكون لديهما مشروع سياسي واقتصادي واضح المعالم ، لذا ينبغي تجديد كتابة الماضي وفق مسلتزمات الواقع المتجدد ، بما يؤهل المشروع للمقبولية الاجتماعية والتاريخية...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram