إياد الصالحي
آثرْتُ منذ فترة طويلة أن لا أتناول واقع الاتحاد العراقي للصحافة الرياضية الخيمة الكبيرة التي تأوي مصلحة الزملاء مهنياً وإنسانياً في خضم المناخ المضطرب الذي تواجهه المهنة وسط بيئة العمل الصحفي والرياضي
التي لم يعد السكوت عنها ترفعاً أو تفادياً لأمر منطقي، بل آن الأوان لإتخاذ الموقف المناسب إزاء حالة اليأس و(الموت السريري) للاتحاد بعدما ربط مصير حياته بمؤسستين نقابية ورياضية لديهما ما يكفيهما من المشاكل والالتزامات تحول دون إنقاذه في أوج الأزمات.
اتحاد الصحافة الرياضية بسيرته المعبّقة بتاريخ رجال كبار تركوا أثراً طيباً في صحف رصينة اختلفت أزمان صدورها منذ مطلع عشرينيات القرن الماضي حتى يومنا هذا، لكن أغلبها توحّد في رصانة الكلمة وبهاء التصميم ودلالة الدروس التي قدّمها كتّاب أعمدة الرأي في تغيير سياسة قادة الرياضة نحو الأفضل، وفضح بؤر الفساد في مواقع مختلفة، وبرغم الضائقة المالية للصحافة الرياضية في عهود متباينة أجبرت بعضها على الأنزواء، إلا أن الصحفي النظيف لم يُرهن قلمه في جيب مسؤول يُحرّكه وفقاً لمزاجه ويوقفه صاغراً لأوامره!
اتحاد الصحافة الرياضية طوى زمناً مرعباً من ذاكرته ما بعد عام 2003 ، كان الصحفي قبل ذلك يحسب ألف حساب لحرفه إذا ما أخطأ موضعه الصحيح، ودفع كثير من الصحفيين الكبار أثمان جرأتهم في النقد، ووصل الحال إلى ضربهم أمام زملائهم بالطماطم وسجنهم وجلد ظهورهم في حوادث كسرت مهابة الصحافة بقرارات من نجل رئيس النظام لاسيما الفترة من عام 1990 الى عام 1998 التي عدّت أسوأ حقبة مرّت على الصحافة الرياضية في العراق بشهادات عديد الزملاء الذين مارسوا العمل آنذاك وبعضهم شغل موقع رئيس تحرير ذات الصحيفة التي قاد النجل مجلس إدارتها ثم أخذوا بكشف ملفه الأسود عندما حرّروا صحف ما بعد عام 2003 لحفظ ما جرى في تلك الحقبة للاجيال اللاحقة.
كثير من الزملاء استبشروا خيراً لفتح بوابة الحرية في البلاد ليمارسوا العمل بلا ضغوط أو خوف بضمانة الدستور، لكنهم اصطدموا بغياب تنظيم شؤونهم من قبل مجلس إدارة الاتحاد بعدما استوعب أعداداً كبيرة وصلت الى 106 صحفيين رياضيين قبيل إجراء انتخابات عام 2006 استناداً الى الأعداد الكبيرة من الصحف الوقتية ذات المصلحة الحزبية أو الاجتماعية حتى وصل الرقم الى 150 صحيفة أغلقت جميعها وظل منها بحدود ثماني صحف بارزة، ومع ذلك لم يُختزل أعداد المنضوين للهيئة العامة للاتحاد، بل زادوا الى 220 صحفياً مع نهاية عام 2018 جُلّهم أنهمكوا في كيفية الاستئثار بفرص الإيفاد، وتناسى مجلس إدارة الاتحاد واجبه الرئيس في تطوير آليات العمل وإعتماد الأعداد العاملة فعلياً في الصحافة.
ما زاد من ضبابية مشهد الصحافة الرياضية أن مجلس إدارة آخر اتحاد مُنتخب من قبل الجمعية العمومية أنتهت شرعيته عام 2013 ونال موافقة النقابة على استمراره تحت مسمّى "الهيئة المؤقتة" لتصريف الأعمال التي استمرّت ست سنوات دون أن تجري المؤتمر الانتخابي الذي حدّدت له ثلاثة مواعيد سابقة مع تشكيل هيئة مشرفة على المؤتمر في بيانات متوالية بلا تنفيذ!
كيف يستمر اتحاد رسمي ست سنوات دون موافقة السلطة العليا "الجمعية العمومية" على منحه الشرعية؟! ثم ما مصير النظام الأساس للاتحاد الذي تم توزيعه على أعضاء الجمعية في مؤتمر عام 2009 بعدما طلب الزميل علي رياح إطلاع الأعضاء عليه وإضافة المقترحات الواجبة؟
نتمنى أن لا يكون تشبّث الزميل خالد جاسم بمنصب رئيس الاتحاد برغم مضي ثلاثة عشر عاماً على توليه المسؤولية سبباً بتأخير إقامة الانتخابات بذرائع واهية، في وقت تتعالى أصوات الجمعية العمومية نفسها وبقوة ضد اتحادات ألعاب عدة بسبب تواصل رؤسائها قيادتها لأكثر من دورة، صراحة هذه ازدواجية ونقد "لا موضوعي" فالواقع المزري الذي تعيشه الصحافة وصل الى حال مُعيب وهي تطلب الاسكان والطعام على نفقة اتحاد كرة القدم لتضييف ستة زملاء مكلفين بتغطية بطولة غرب آسيا التاسعة لكرة القدم ما أدى إلى رفض الاتحاد ورفع جاسم شكوى قضائية ضد رئيس الاتحاد عبدالخالق مسعود لرد اعتباره الشخصي، ولو كانت هناك آلية منتظمة لاتحاد الصحافة الرياضية بالتنسيق مع لجنة القرار 140 حال انبثاقها لن يحتاج الصحفي الرياضي موافقة الوزير أحمد رياض أو إيماءة رأس مسعود على تغطية نفقاته في البطولة.
ذو صلة: برغم أن اتحاد الصحافة الرياضية خارج التغطية الشرعية منذ عام 2013، إلا أن مثابرة بعض الزملاء في العمل وتشريف البلاد في الحضور الخارجي يثير الغبطة، فالصحفي الشاب عماد الركابي (31عاماً) دفعته ظروف انحسار الصحف ومحدودية الفرص للعمل في قناة الرياضية العراقية، وعندما دُعي لحضور قرعة خليجي24 في الدوحة أبدع في تطويع موبايله الشخصي مضافاً إليه تقنية الصوت لنقل رسائل كثيرة الى القناة من ملعب الريان المونديالي وقاعة سحب قرعة البطولة، وكان محط احترام وتقدير الوفود الإعلامية المُضيَّفة.
هنيئاً للإعلام الرياضي ولقناة العراقية الرياضية بكفاءة الركابي مهنياً وأخلاقياً.